الجمعة , 4 يوليو 2025

أعراض حالات الشعور بالخوف والقلق أثناء فترة الامتحانات

تظهر أعراض حالات شعور التلاميذ بالخوف والقلق قبل وأثناء فترة الامتحانات الإشهادية، وأحيانا بعدها، في مجموعة من جوانب شخصيتهم، وهي على الشكل التالي:

– الجانب الجسمي-الفيزيولوجي: من أهم أعراضه التعرق والارتجاف وارتعاش اليدين، وسرعة ضربات القلب، والصداع في الرأس، والجفاف في الفم والحلق، والتقلصات في المعدة وآلام في البطن، وفقدان الشهية، والشعور بالغثيان، وإهمال الذات والأرق، وكذلك إفراز هرمونات في الجسم بشكل غير منتظم… وغيرها. وهذه الأعراض البدنية والفيزيولوجية ليست لها أسباب عضوية، بل هي ذات أسباب نفسية تسمى “الأعراض السيكوسوماتية”، وتجد بعض التلاميذ يتعاطون بعض أنواع الأدوية وأحيانا سجائر ومخدرات لتجنب بعض منها.

– الجانب المعرفي-الذهني: إلى جانب الأعراض الجسمية-الفيزيولوجية، توجد كذلك أعراض معرفية، من أهمها ضعف القدرة على التركيز أثناء فترات الامتحانات الإشهادية وقبلها، وكذلك ظهور بعض حالات النسيان أو فقدان المادة المعرفية لدى التلاميذ، وهي ناتجة عن حالة التوهم (hypochondria)، مما يدفع بعض التلاميذ إلى التفكير في سلوك غير تربوي وغير قانوني مثل الغش.

– المستوى الثالث مرتبط بالجانب الوجداني-الانفعالي، ومن بين أعراضه نذكر على سبيل المثال لا الحصر، فقدان الرغبة في الدراسة، إظهار الغضب والعدوانية، والشعور بفقدان الأمل، وأحيانا الشعور بالاكتئاب.

أما المستوى الرابع المتعلق بالجانب الاجتماعي-التواصلي، فنجد من أعراضه أن بعض التلاميذ يميلون إلى العزلة الاجتماعية، وأحيانا العدوانية، وفقدان القدرة على الاعتماد على النفس، وعدم تحمل المسؤولية، وأحيانا الرغبة في عدم اجتياز الامتحان، وقد يتعطل بعضهم عن أداء مختلف أنشطتهم اليومية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض وغيرها لا تظهر بالحدة أو الشدة نفسها لدى التلاميذ، فهي تختلف من تلميذ إلى آخر حسب شخصية كل واحد منهم.

تدبير حالات الشعور بالقلق والخوف أثناء فترة الامتحانات

توجد مجموعة من الإجراءات العملية لتدبير حالات الشعور بالخوف والقلق أثناء موعد اقتراب الامتحانات الإشهادية وأثناءها وأحيانا بعدها، من أهمها الوعي بعلل أو مسببات حالات الشعور بالخوف والقلق، وكذلك المعرفة بأنها حالات طبيعية وإيجابية يشعر بها جميع التلاميذ، فهي تعبر عن الرغبة في النجاح، وتعتبر محفزة ومطلوبة لتحقيق التعلم، حيث تجعل التلاميذ يقظين نفسيا وبدنيا وتساعدهم على القيام بالعمل والاجتهاد فيه، لكن إذا ما سيطرت حالات الشعور بالقلق والخوف وتداخلت مع الشك وفقدان الثقة في الذات قد تؤثر سلبيا على أداء التلاميذ أثناء الإجابة في الامتحانات بالرغم من التحضير الجيد لها، وهذا الأمر من شأنه أن ينعكس سلبا على نفسية التلاميذ ومستقبلهم، ومثل هذه الحالات تتطلب تدخلا من ذوي الاختصاص-وليس من بائعي الوصفات السحرية-لمساعدة التلميذ(ة) على التعامل مع مشاعره وأفكاره وتمثلاته من أجعل إدراكها بهدف تصحيحها، وتحقيق الصحة النفسية.

ومن الأمور الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء فترة الامتحانات الإشهادية وقبلها، الوعي بوجود فروق فردية بين التلاميذ، فكل واحد منهم له طريقته وأسلوبه في الدراسة والمراجعة تختلف عن الآخر، فإذا كان بعضهم يتفوق في قدرة معرفية مثلا في الحفظ، نجد آخر يتفوق في قدرة أو قدرات أخرى. كما يجب عدم تعظيم شأن الامتحان، وأن الفشل فيه هو فشل في الحياة، بل يجب النظر إليه على أنه تجربة من تجارب الحياة الطبيعية، يحتاج إلى الاهتمام والاستعداد والعمل بذكاء، أي اتباع استراتيجيات. إن التفكير السلبي أثناء فترات الامتحانات الإشهادية قد يفقد الثقة في نفوس التلاميذ، وإعادتها أمر مهم، بحيث يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الثقة في النفس شعور مسؤول عنه التلميذ(ة)، وهي مرتبطة بشكل كبير بالإعداد والتحضير القبلي للامتحانات الإشهادية منذ بداية الموسم الدراسي، وهذا ما لا يفعله كثير من التلاميذ، حيث تجدهم يؤجلون أو يؤخرون المراجعة للامتحانات الإشهادية إلى الأيام الأخيرة التي تفصل عن موعدها، فتتراكم عليهم المادة الدراسية ويقفون مع جبال من الدروس والمفاهيم والقواعد، حتى وإن راجعوا وحفظوا تجدهم مرتبكين ومضطربين. فإذا كان بعض التلاميذ يعانون من حالات النسيان مما درسوه وتعلموه، فعليهم ألا يقلقوا من هذا الأمر؛ قد تكون مجرد حالات من التوهم. لهذا يجب على التلاميذ القيام بمراجعات منتظمة طيلة الموسم الدراسي، لأنها تقتصد الوقت والجهد وتثبت المعلومات وتيسر عملية استدعائها وتزيد الثقة في النفس وتطمئن الأسرة.

ومن بين الإجراءات المهمة لتدبير حالات الخوف والقلق أثناء فترة الامتحانات الإشهادية، الاهتمام بالجانب البدني من منطلق أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة البدنية، مثل الاعتماد على نظام غذائي صحي ومتوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وكذلك النوم الكافي، والقيام بتمارين التنفس الجيد التي تساعد على الاسترخاء البدني.

ومن بين الإجراءات الأساسية أثناء يوم الامتحان، أن يستيقظ التلميذ(ة) مبكرا ولا داعي للقيام بمزيد من المراجعة، وعدم المناقشة مع التلاميذ الآخرين قبيل الدخول إلى قاعة الامتحان، كما يجب معرفة أن الوقت المخصص للامتحان كاف لقراءة الأسئلة أكثر من مرة والإجابة عنها جميعها، وإذا شعر التلميذ(ة) بتسارع نبضات القلب وتعرق اليدين والارتجاف أثناء بداية الامتحان، وجب عليه التنفس بعمق والاسترخاء، وقبل الإجابة عن الأسئلة يجب على التلميذ(ة) قراءة جميع معطيات الامتحان، وعمل خطة تتضح فيها الأفكار الأساسية التي ينوي الإجابة عنها، ويستحسن البدء بالأسهل، والقيام بمراجعة قبل تسليم ورقة الامتحان. وبعد خروج التلاميذ من الامتحان، يستحسن الابتعاد عن مناقشة الأجوبة حتى لا يتأثروا في الامتحان القادم.

انطلاقا مما سبق، يمكننا القول إن النجاح إرادة ذاتية مرتبطة بتضافر جهود متعددة، منها ما هو مرتبط بالتلميذ(ة)، ومنها ما هو مرتبط بالأسرة، ومنها ما هو مرتبط بالأساتذة، ومنها ما هو مرتبط بالإعلام، وغيرها. والنجاح من صنع الذات-التلميذ-(ة)، يتطلب مقومات نفسية وبدنية متكاملة، يلعب فيها الاستعداد النفسي دورا أساسيا، فبالاستعداد والرغبة والإرادة والتعلم والمحاولة والصبر، وغيره، يصنع النجاح، وقد أجاب أحد الحكماء عن السؤال: كيف استطعت أن تولد النجاح في تلاميذك؟ بالقول: كنت أرد بثلاث على ثلاث: من قال: “لا أقدر” قلت له حاول، ومن قال: “لا أعرف” قلت له: تعلم، ومن قال: “مستحيل” قلت له: جرب. وتبقى الإشارة إلى أن نحاج التلميذ(ة) في الامتحان هو نجاح للأسرة وللمجتمع وللدولة وللإنسانية.

نعمت الصايغ

دبلوم ABA

عن Nehmat Al sayegh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *