اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان ورشة البناء ليست بالسهلة أبدا، خصوصاً بعد كلّ سنواتِ التدميرِ التي تعرّضَ لها كلّ شيء في لبنان. وهي تحتاج لكل اللبنانيين، لتضامنِهم أولاً، ولثقتِهم بأنفسِهم وبشركائِهم وبوطنِهم. واعتبر ان الفساد لا تتم محاربته من قبل فرد بل من قبل مؤسسات، مؤكدا انه يتم اليوم وضع مرتكزات ساسية للدولة. واذا لم يكن هناك من مرتكزات اساسية للدولة تكون منسجمة في عملها واحترامها للقوانين، فلا يمكن تحقيق محاربة الفساد. ولاحظ “ان هناك امورا تم تحقيقها ولا يزال امامنا عمل نقوم به في هذا الاتجاه، مشددا على انّه “وضعنا الاساس وسننجز ما تبقى من قوانين في هذا الاتحاه.”
واعتبر الرئيس عون “ان هناك ثلاثة امور تضمن الحفاظ على الاستقرار وتحد من العمل المسلح على الاراضي اللبنانية وهي: القرار الدولي 1701 الذي يلتزم به لبنان وحزب الله، وورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والبيان الوزاري. وهذه الامور تحدد الوضع بالنسبة الى سلاح حزب الله”، مشيدا بدور الاجهزة الامنية ومؤكدا “انه راض عن التعاون القائم بينها، وهذا ما جعلها تكشف خلايا ارهابية نائمة ومنعت بالتالي حصول اعتداءات.” واعرب عن اطمئنانه للوضع الامني في لبنان، موضحا “ان الامكانات الذاتية وحدها هي من يكفل حماية لبنان، ولم تنفعنا اي حماية لانه عند تعارض المصالح بين لبنان ودولة اقوى تقوم هذه الاخيرة بتقديم مصلحتها وتنتفي القوة الضامنة لحمايتنا.”
وإذ اشار الى انّه اول من اثار مسألة النازحين السوريين الى لبنان، “واتُهم في حينه والتيار الوطني الحر والوزير باسيل بالعنصرية، فيما كان مطلبنا التنبه من الاعداد الغفيرة التي تدخل الى لبنان”، فإنه كشف انّه خلال اجتماعه بسفراء الدول الخمس الكبرى وممثلة الاتحاد الاوروبي وممثلة الامين العام للامم المتحدة وممثل جامعة الدول العربية حول الموضوع، “كان هناك اختلاف في وجهات النظر لانّهم اصرّوا على عودة النازحين فقط بعد ايجاد حل سياسي للازمة السورية،” وهو ما لم يقبل به وابلغهم “ان هذا الامر يعتبر بمثابة ذريعة لعدم ايجاد حل في سوريا.”
وعن وضع الليرة، طمأن رئيس الجمهورية الى “ان لا خوف عليها، ولا على القطاع المصرفي”، مشيراً الى ان العقوبات المفروضة على حزب الله لن تؤثر على الوضع العام اكثر مما حصل في المرحلة الاولى من هذه العقوبات التي اقرّت سابقاً.
واكد رئيس الجمهورية “ان الانتخابات ستحصل في موعدها، وانه حقق كل ما وعد به حتى الآن رغم الشكوك التي اثيرت، والعوائق التي تظهر لجهة تنفيذ البطاقة البيومترية او غيرها لن تمنع حصول الانتخابات، ولن يكون هناك تعديل للقانون، اذ يجب ان يطبّق اولاً كي يتم البحث في تعديله ام لا.”
كلام الرئيس عون جاء في خلال حلقة تلفزيونية مباشرة، مساء اليوم، عشية الذكرى السنوية الاولى لانتخابه رئيسا للجمهورية، حملت عنوان: “سنة من عمر وطن”، بثتها في بث موحد كافة محطات التلفزة في لبنان، وحاوره فيها رؤساء التحرير ومدراء الاخبار: مريم البسام (تلفزيون الجديد) نديم قطيش (تلفزيون المستقبل)، صائب دياب (تلفزيون لبنان)، جان فغالي (LBC)، غياث يزبك (MTV)، علي حايك (المنار)، علي نور الدين (NBN)، وجاد ابو جودة (OTV)، وفق محاور عدة، ادارها مدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.
كلمة الرئيس عون
استهل الرئيس عون اللقاء بكلمة توجّه فيها الى اللبنانيين بالكلمة الآتية: ”
“أيها اللبنانيون
لسنة خلت أوليتموني ثقتكم، مجلسا وشعبا، لتحمّلِ مسؤوليةِ الموقعِ الأول في الدولة، وقد عاهدتكم يومذاك على تخطّي الصعوبات وليس التآلفِ معها، وعلى تأمينِ الاستقرارِ بجوانبِه كافةً: السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
وبعد عشرةِ أشهر من عمرِ حكومةِ “استعادةِ الثقة”، علينا اليوم أن نقومَ بجردةِ حساب لتعرفوا ماذا حقّقنا وماذا بقي علينا، وهكذا تستطيعون تقدير الوضعِ بأنفسِكم، ولا تستوحون الشائعاتِ التي تمعِن بنشرِ الأضاليلِ وزرعِ الشكِ في النفوس.
نحن لا نريد حكومة من دونِ معارضة، ولا إعلاماً من دون حرية، ولكن للمعارضة، كما للحرية، أصول وأدبيات، وأولها احترام الحقيقة، فالحقيقة هي سقف الحرية، وأيّ اختراق لهذا السقف يؤذي المجتمع أفراداً وجماعات، ويضربُ الثقة ويغرق المواطنين في التشكيكِ وفي الجدلِ البيزنطي وتراشقِ جميعِ أنواعِ التهم، ما يقضي على روحِ التضامنِ المجتمعي، ليحل مكانَها التنافر والتباعد والتقوقع، وكلها مؤشرات لأخطارٍ تتهدّد استقرار الوطن.
ورشة البناء ليست بالسهلة أبدا، خصوصاً بعد كلّ سنواتِ التدميرِ التي تعرّضَ لها كلّ شيء في لبنان. وهي تحتاج لكل اللبنانيين، لتضامنِهم أولاً، ولثقتِهم بأنفسِهم وبشركائِهم وبوطنِهم، لذلك… نحن هنا الليلة، لنتكلّمَ بصراحة، بصراحةِ العماد ميشال عون، بعيداً عن الشائعات والتجني، وأيضاً بعيداً عن المزايدات والمغالاة، فتفضلوا.”
ثم دار حوار بين الرئيس عون ورؤساء التحرير وفق المحاور التالية:
في المحور الاول حول الواقع الراهن للادارة اللبنانية ومحاربة الفساد والاصلاح، رد رئيس الجمهورية على سؤال: “هل هناك حكم فعلا للرئيس ميشال عون ام ان اشخاصا آخرين يحكمون الجمهورية، وتحديدا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل؟”، فاكّد “ان الشائعات تصدر بشكل دائم في الشارع اللبناني، وهناك من يعمل على ترويجها. وانا سلّمت رئاسة حزب التيار الوطني الحر قبل مدة من انتخابي لرئاسة الجمهورية الى الوزير جبران باسيل الذي اصبح بالتالي المسؤول عن ادارة الحزب وسياسته. وهذا الحزب لم يخلق من العدم، بل بارادتي وتوجيهاتي. والوزير باسيل لديه الكفاءة لادارة الحزب، ولديه المبادىء لأجل ذلك.”
واوضح “ان الوزير باسيل يدير الحزب وليس البلد، والحزب لديه ممثليه في الحكم وهناك وزراء في الحكومة يمثلون الرئيس. وهو، اي الوزير باسيل، في الحكومة يدافع عن موقفه. والرئيس يضبط عمل مجلس الوزراء عند ترؤسه الجلسة من ناحية تعاطي الوزراء في ما بينهم. لكي يبقى المسار هادئا. ويسدي النصيحة عند الحاجة.”
وشدد على “ان الوزراء كل منهم مسؤول عن وزارته، ورئيس الحكومة هو المسؤول الاول عن الحكومة، وانا لست المدافع عمّا يطرحه الوزراء، والجميع يعرف كم يدرس الوزير باسيل ملفاته بدقة، قبل ان اكون رئيسا للجمهورية.”
وردا على سؤال حول عدم الاعتماد على ادارة المناقصات في كل المناقصات في الدولة من قطاعات الكهرباء والاتصالات…، كسبيل لمكافحة الفساد”، اوضح الرئيس عون “انه اعتمد منذ وصوله الى سدة الرئاسة، وفي اولى جلسات الحكومة، الى وقف العمل بالتلزيم بالتراضي الا في الحالات الاستثنائية حين يتعذر الوصول الى اكثر من ملتزم او متعهد”. واكد انه مع احالة كافة الملفات لدى مختلف الوزارات الى ادارة المناقصات، كاشفا الى “انه يعدّ مشروعا في هذا الاتجاه قد يطرحه في اول جلسة مقبلة للحكومة يترأسها.” واشار الى “ان كافة وسائل محاربة الفساد لم تتوفر بعد الى الآن، ونحن نعمل على توفيرها”.
واجاب ردا على سؤال على “ان دور الوزير المكلف شؤون الفساد في الحكومة، ليس دورا فخريا”، مذكّرا ان الوزير باسيل كان اعد في العام 2009، وكان حينها وزيرا للاتصالات، تقريرا عن وضع الهاتف الخلوي وهو يتضمّن سلسلة من المخالفات المالية بما يقارب ال 985 مليون، اي بنحو مليار، وهو لمّا يزل لدى المدعي العام المالي. ونحن وضعنا كذلك “الابراء المستحيل” الذي بقي لدى النيابة العامة، وقد اجابني المدعي العام المالي عند السؤال، انه لا يحتوي على المستندات، وهي موجودة في نهاية الملف.”
اضاف الرئيس عون: “ان هذا الامر لا يتم بتسوية سياسية، بل هو موضوع مالي متعلق بمالية الدولة، ويبقى الى الابد، ولا تنازل عنه.”
ورد الرئيس عون على سؤال حول متى سيتم العمل على ازالة النفايات “بمعناها الضيق والواسع”، بالتأكيد “انه من اجل مكافحة الفساد والنفايات، من الواجب ان تكون لدينا دولة ومؤسسات، ولم يكن هناك من مؤسسات كانت تعمل في هذا الاتجاه في وقت كان الكل يتهم الكل.” وذكّر “انّه كان طلب من الوزراء ان يكون كلٌ وزير مسؤولا عن محاربة الفساد في وزارته والى الآن لم يصلني اي تقرير منهم. لكن هذا لا يعني انني راض.”
واوضح الرئيس عون “ان الفساد لا تتم محاربته من قبل فرد بل من قبل مؤسسات. وكان همّنا الاساس هو الهم الامني لذلك بدأنا بالمؤسسات الامنية من قيادة الجيش الى قوى الأمن الداخلي، واستكملنا ذلك بالتشكيلات الامنية وتشكيل مجالس القيادة وعقدنا اجتماعات للمجلس الاعلى للدفاع كي نرتب الوضع الامني، وقمنا بمعركة تطهير الجرود من بقايا “داعش”. نتيجة ذلك تم تثبيت الامن والاستقرار الوطني، لكن هذا لا يكفي، فمن الواجب ان يكون لدينا القضاء كمساند، لتوطيد السلم الاهلي الذي يطمئن المواطن، اضافة الى حاجتنا لموازنة، فانجزنا كل ذلك. وللمحافظة على وجه لبنان الخارجي، قمنا بزيارات الى الخارج وانجزنا التشكيلات الدبلوماسية، كما وانه من اجل اجراء انتخابات وضعنا قانونا للانتخابات قائما على النسبية، بعدما اصبح القانون الاكثري اكثر من 91 سنة، من دون تغيير وقد بات بائدا. والقانون الجديد يسمح بتمثيل الجميع ويقيم توازنا بما يعني ان كل الذين سيتم انتخابهم سيكونون ممثلين لكافة شرائح الشعب اللبناني لدى طوائفهم وبين الطوائف، وهذا انجاز لم يكن من السهل التوصل اليه.”
واكد رئيس الجمهورية “انه يتم اليوم وضع مرتكزات الدولة. واذا لم يكن هناك من مرتكزات اساسية للدولة تكون منسجمة في عملها واحترامها للقوانين، فلا يمكن تحقيق محاربة الفساد.”
وذكّر الرئيس عون “بمشاريع القوانين التي سبق وتقدّم بها “تكتل التغيير والاصلاح”، ومن بينها مشروع تأليف محكمة خاصة بالجرائم المالية الواقعة على الدولة، وهو لمّا يزل في المجلس النيابي. والنائب غسان مخيبر من التكتل تقدّم بمشاريع عدة تم من بينها اقرار قانون الوصول الى المعلومات، اضافة الى مشروع انشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد وغيرها.”
وعن موضوع النفايات، اوضح الرئيس عون “ان المشكلة تكمن في ان كل لبناني يريد ان يضع نفاياته عند الآخر. ولا احد يريد ان يخصص مطمرا في منطقته”، مؤكدا “ان من حق الحكومة ان تصادر ارضا وتخصيصها للمصلحة العامة. واليوم هناك مصلحة عامة حقيقية وعلى الحكومة ان تبادر لاتخاذ القرار المناسب لحل مسألة النفايات.”
وردا على سؤال حول مدى رضاه عن التعيينات التي تمت، اجاب الرئيس عون “ان المحاصصة تعود الى النظام السياسي المتبع والسائد، سواء في الانتخابات او الحكومة او في التعيينات. واليوم لم نصل الى ما يخالف هذا الواقع.” واشار الى “انه علماني التفكير، ونحن متقدمين في “التيار الوطني الحر” في ما يتعلق بحقوق المرأة وفي المساواة بينها وبين الرجل وصولا الى الغاء كافة اشكال القوانين التي تميّز بينها وبين الرجل. هذا هو تفكيرنا، ولكن الواقع غير ذلك. علينا ان نتعامل مع الواقع والعمل على تغييره.”
وشدد رئيس الجمهورية على “ان الرواسب التي ورثناها ليست سهلة، ونحن نعمل على احداث تغيير في مؤسسات استنفذ تاريخ صلاحيتها”. واكد “ان هناك امور تم تحقيقها ولا يزال امامنا عمل نقوم به في هذا الاتجاه. اننا نعمل على وضع ركائز الدولة التي تتيح العمل مع بعضها البعض. لقد وضعنا الاساس وسننجز ما تبقى من قوانين من شأنها ان تساهم في تثبيت الاستقامة والانتظام في عمل الدولة، من امن وقضاء ومكافحة الفساد. ولكن ليس عملنا ان نتجسس على البعض في مسألة المخالفات. وعلى الشعب اللبناني الا يساهم في تثبيت ثقافة الفساد، كأن يعمد الى رشوة الموظف مثلا في الدوائر العقارية، فيتقاسم بذلك الربح مع الموظف الذي يعمد الى تخفيض الضريبة عليه. من هنا علينا ان نحارب هذه الثقافة.”
وقال: “ان الاهم بالنسبة الينا هو النهوض بالوضع الاقتصادي، وقد كلّفنا مؤسسة عالمية معروفة جداً للقيام بعملية مسح للاوضاع الاقتصادية وتحديد القطاعات التي يمكننا الاستثمار فيها لنخرج من النظام الريعي الى النظام المنتج.”
الوضع الامني ومسألة النازحين
وفي المحور المتعلق بالوضع الامني ومشكلة النازحين السوريين، سئل الرئيس عون عن تسليح الجيش تجهيزاً مناسباً كي يكون وحده من يحمل السلاح على الارض اللبنانية، فلفت الى وجود سببين لعدم تسليح الجيش كما يجب، “الاول هو عجز الدولة اللبنانية عن تأمين الاموال لشراء السلاح، وما يقدم اليوم للجيش اللبناني هو هبات من الجيش الاميركي لبعض الاسلحة التي تؤمّن تغييراً نوعياً في الميدان والتي خضنا بها معركة “فجر الجرود”. ونحن نعاني من عجز مالي في المدفوعات والموازنة ووضعنا الاقتصادي لا يسمح لنا بتأمين الاموال لشراء الاسلحة للجيش ليتكفل في حماية الحدود والداخل اللبناني معاً.”
واضاف الرئيس عون: “لجهة الاستقرار الداخلي، هناك ثلاثة امور تضمن الحفاظ على الاستقرار وتحد من العمل المسلح على الاراضي اللبنانية وهي: القرار الدولي 1701 الذي يلتزم به لبنان وحزب الله، وورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والبيان الوزاري. وهذه الامور تحدد الوضع بالنسبة الى سلاح حزب الله.”
واوضح الرئيس عون “ان مشاكل الشرق الاوسط تنعكس علينا ايضاً، وقد عانينا من التسلل من ناحية الهرمل والقصير، فيما منع الجيش اللبناني تقدم الارهابيين من عرسال. انما هناك مشكلة اكبر تفرض نفسها وهي عدم استرداد بعض الاراضي المحتلة، اضافة الى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزال مصيرهم معلقاً، وهذه خطوات تستوجب حلاً من الخارج بين القوى العربية المحيطة باسرائيل ونحن منها.”
وشدد رئيس الجمهورية على “اننا لم نكن يوماً في معرض الاعتداء على اسرائيل ولكن العكس صحيح، وهناك خوف لدى سكان الحدود من هذه الاعتداءات، وبالتالي هناك اطمئنان داخلي ولا يمكننا ان نكون مسؤولين عن قضية الشرق الاوسط.”
ورداً على سؤال حول ما يجب القيام به لتجهيز وضع الجيش بشكل تام والفترة التي يحتاجها هذا الامر، اوضح “ان الامكانات الذاتية وحدها هي من يكفل الحماية، ولم تنفعنا اي حماية لانه عند تعارض المصالح بين لبنان ودولة اقوى تقوم هذه الاخيرة بتقديم مصلحتها وتنتفي القوة الضامنة لحمايتنا، وقد جربنا هذا الامر كما في الشرق الاوسط، وان اقوى ما لدينا هو المحافظة على الوحدة الوطنية والتوازن الوطني فالانشقاق السياسي يبقى فكرياً فقط، والحل في الشرق الاوسط يوصل الى الحل لدينا.”
وعن المعادلة الثلاثية اي “الجيش والمقاومة والشعب”، اجاب الرئيس عون “ان الموضوع محط نقاش لدى اللبنانيين، وهناك انقسام في هذا الشأن واستطعنا ابقاء الانقسام محصوراً.”
وقال: “في اللقاء الاخير لطاولة الحوار، شهدت الجلسة قبيل ختامها نقاشاً اتخذ منحى تعدى الحدود فوقفت وقلت: هناك رأيان متناقضان، وسيكون هناك رأي رابح وآخر خاسر، فلماذا لا نبني لبنان فيربح الفائز العمران، والخاسر لبنان والعمران معا لان الوطن للجميع.”
وعن الخطوات لتعزيز الوضع الامني وصحة ما يشاع عن قاعدة عسكرية اميركية في حامات، نفى الرئيس عون وجود مثل هذه القاعدة. واكد انه في ما خصّ الشق الامني، “لا يمكن منع ارتكاب الجريمة انما يمكن في المقابل اعتقال المجرم، وهذا ما يحصل حالياً. ولعل حوادث السطو على المصارف خير دليل، بحيث ان اطول فترة استغرقت لاعتقال السارقين لم تتخط الـ36 ساعة، وهذا حدّ من عمليات السطو، واغلب الجرائم تشهدها مناطق تواجد النازحين السوريين.”
واكد “انه راض عن التعاون القائم بين الاجهزة الامنية”، وانه يجمعها وهي تنسق فيما بينها، “وهذا ما جعلها تكشف خلايا ارهابية نائمة ومنعت بالتالي حصول اعتداءات.” وكشف رئيس الجمهورية انه مطمئن للوضع الامني في لبنان، مشيراً رداً على سؤال “انه ليس هناك من مراسلات مع دولة الامارات حول ضمانات تعطى لهم لعودة مواطنيها الى لبنان”، لكنه لفت الى “انه اعطى تطمينات لجميع العرب بأن امنهم في لبنان مضمون، واننا لا نصفّي حساباتنا السياسية على ارضنا، والدليل أنه خلال فصل الصيف تواجد سياح عرب في لبنان ولم يتعرضوا لاي مشكلة.”
وسئل الرئيس عون عمّا يقوم به لبنان من اجل حل ملف النازحين السوريين في لبنان، فأوضح “انه اثار الموضوع في الامم المتحدة، كما جمع سفراء الدول الخمس الكبرى وممثلة الاتحاد الاوروبي وممثلة الامين العام للامم المتحدة وممثل جامعة الدول العربية وشرح لهم الموضوع، حيث كان هناك اختلاف في وجهات النظر لانّهم اصرّوا على عودة النازحين فقط بعد ايجاد حل سياسي للازمة السورية، وهو ما لم يقبل به وابلغهم ان هذا الامر يعتبر بمثابة ذريعة لعدم ايجاد حل في سوريا.”
ورداً على سؤال حول عدم فتح القنوات مع سوريا، قال الرئيس عون “ان لا اتفاق في مجلس الوزراء حول الموضوع، ولا يكفي التنسيق الامني مع سوريا في هذا المجال بل يجب حصول اتصال سياسي ايضاً. ان لبنان يقيم علاقات مع سوريا ولم يقطعها على المستوى الدبلوماسي، واتفقنا الا يتصرف احد وفق وجهة نظره فقط، وعلينا معالجة الامر بهدوء.”
ولدى سؤاله عمّا اذا كان التواصل مع سوريا على مستوى وزير وليس على مستوى سفير، اجاب الرئيس عون بالنفي.
وعمّا يقال عن اثارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لقضية اعادة النازحين مع روسيا، شدد الرئيس عون على “اننا نعمل في كل الاتجاهات، وانه لم يوفّر وسيلة لاثارة الموضوع ان في فرنسا او في الامم المتحدة او لدى الدول الصديقة، وقال: “ادرك جيداً مخاطر هذا الموضوع، وانا اول من اثاره واتهمت في حينه والتيار الوطني الحر والوزير باسيل بالعنصرية، فيما كان مطلبنا التنبه من الاعداد الغفيرة التي تدخل الى لبنان. وها نحن قد وصلنا الى نقطة حيث نعاني من تواجد ثلث عدد اللبنانيين من النازحين وثلث آخر من اللاجئين وهذا امر لا يجوز.”
وخلال الحوار، اشار الرئيس عون في المحور الاقتصادي الى ان المحاسبة تتم حالياً للعهد عن مشاكل السنوات الماضية، فيما لم يمر على عمر العهد سوى سنة واحدة، “وقد حققنا خلال الاشهر العشرة الماضية ما لم يتحقق لعقود ماضية، ولسنا في معرض من كان مقصراً ام لا، انما نحن نعمل في ظل مؤسسات انتهت صلاحيتها بما فيها مجلس النواب الذي كان منتخباً لاربع سنوات وقد استمر لـسنوات اضافية عدة.”
وعن ملف السرقات ومن يقوم بها، اوضح الرئيس عون “ان التحقيق المالي بدأ من العام 1993 ولا يزال مستمراً، فيما حددنا سنة كحد اقصى كي ينتهي واقرينا هذا الامر ضمن قانون، وانا اكيد انه سينتهي في هذه المدة المحددة، واذا حاولوا ان يماطلوا او يتراجعوا، فالشعب سيقف الى جانبي في هذا الشأن.”
وعن التفاوت الذي حصل بين القطاعين العام والخاص بعد اقرار سلسلة الرتب والرواتب، اوضح الرئيس عون “ان هذين النظامين منفصلين من ناحية العقد الاجتماعي في لبنان، وقد ادى الامر الى مشاكل في المدارس الخاصة، فعلى صعيد المعلمين مثلاً يتعاقد القطاع الخاص معهم في الدرجة 15 فيما يتعاقد معهم القطاع العام في الدرجة 9، وفرضوا بالتالي زيادة 6 درجات في العام لتحقيق المساواة من دون النجاح في هذا المسعى بعد ان ارتفعت الدرجات في القطاع الخاص الى 21، وهذا يظهر وجود اخطاء في العمل، ولا يمكن اصلاح كل الامور بعشرة اشهر، وقد طرحناها من اجل اصلاحها بشكل تدريجي.”
ورداً على سؤال حول ما اذا كان يشعر انه مقيّد في مسعاه الاصلاحي، اجاب الرئيس عون “انه لا يشعر بهذا الامر، وانه يعمل بشكل تدريجي للوصول الى اهدافه”، مشددا على انّه بعد العمل بالشق الامني مع الاجهزة الامنية وارساء الاستقرار، وبعد اقرار قانون انتخاب جديد والتشكيلات القضائية، “اجرينا تشكيلات دبلوماسية من اجل اصلاح التمثيل اللبناني في الخارج مع تعليمات واضحة بالعمل من اجل لبنان وخصوصاً لناحية الشق الاقتصادي.”
واوضح رداً على سؤال “ان واشنطن لم ترفض السفير اللبناني المعيّن انما هناك مسار يجب اتباعه كونه يحمل الجنسية الاميركية، وعليه بالتالي التخلي عنها ليكون سفيراً للبنان، وفي الفاتيكان تبيّن ان السفير المعيّن ينتمي الى مؤسسة لا يعترف بها الكرسي الرسولي، اما في الكويت، فالاسباب معروفة.”
وفي ما خص اقرار الموازنة العامة للعام 2017، شدد رئيس الجمهورية على انها من اجل ضبط المال العام، كما تم كشف امور اصلاحية يجب اعتمادها في موازنة العام 2018. وقال رداً على سؤال انه راض عن اداء وزير المالية حالياً.
واضاف الرئيس عون “ان تعيينات المجلس الاقتصادي- الاجتماعي مهمة لانه يؤمّن استقراراً اجتماعياً ويحصر المشاكل فيه لمعالجتها بدل نقلها الى الشارع كما كان يحصل.”
وعن وضع الليرة، طمأن رئيس الجمهورية الى ان لا خوف عليها، ولا على القطاع المصرفي، مشيراً الى ان العقوبات المفروضة على حزب الله لن تؤثر على الوضع العام اكثر مما حصل في المرحلة الاولى من هذه العقوبات التي اقرّت سابقاً. وقال ان العمل على تركيز اسس الدولة انعكس ايجاباً على الوضع الاقتصادي، حيث بدا الارتياح العام لدى الجهات المالية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الاوروبية التي بدأت تقديم عروض معينة، سنتحدث عنها في الوقت المناسب.
واكد الرئيس عون انه مرتاح للوضع الاقتصادي، واعتبر “ان اللبنانيين الذين لا يوظفون اموالهم حالياً قد يندمون لاحقاً لتأخرهم، فمسيرة الثقة بلبنان انطلقت بقوة انما اللبنانيون يشككون بأنفسهم وببعضهم.”
وفي الشق المتعلق بالغاز والنفط واستفادة الدولة منهما، اشار الرئيس عون الى انه وضع شرطاً في اول جلسة عقدت يقضي باقرار المراسيم المتعلقة بالنفط وتم ذلك، كما تمت المناقصة “وان شاء الله يتم تصديقها خلال ايام”، لافتاً الى انه لا يوجد اي وثيقة تثبت ما يشاع عن رشاوى او غيرها للشركات الاجنبية في هذا المجال.
قانون الانتخاب
وفي الشق المتعلق بقانون الانتخاب، اكد الرئيس عون “ان الانتخابات ستحصل في موعدها، وانه حقق كل ما وعد به حتى الآن رغم الشكوك التي اثيرت، وان العوائق التي تظهر لجهة تنفيذ البطاقة البيومترية او غيرها لن تمنع حصول الانتخابات، ولن يكون هناك تعديل للقانون، اذ يجب ان يطبّق اولاً كي يتم البحث في تعديله ام لا.”
وعن مخاوف المغتربين من تأثير تصويتهم وخياراتهم، اوضح الرئيس عون “ان سرية الاقتراع تحافظ على حرية الرأي، وفي انتخابات العام 2009 اطلقت شعاراً مفاده “كن حراً في ثوان خلف الساتر، تكن حراً مدى الحياة”، وحتى الآن لم يتعاط احد مع المغتربين بشكل سلبي.”
وحول عدم تعيين مجلس ادارة لتلفزيون لبنان، قال الرئيس عون “ان هذا التلفزيون يخص الدولة ورئيس الجمهورية بشكل خاص، وحاولوا طرح اسماء اخرى، انما في المحصلة تم طرح حل يقضي بقبولنا بتعيين المرشح (توفيق) الطرابلسي في مقابل تعيين مدير اصيل للوكالة الوطنية للاعلام، الا انهم رفضوا الامر، انما في الاجمال تبقى الامور مضبوطة في مجلس الوزراء.”
وفي ما خص السبل الكفيلة بوضع حد للهجرة، دعا الرئيس عون الى تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل، فيبقى اللبنانيون في بلدهم بدل الهجرة الى الخارج من اجل العمل، وقد بدأت الهجرة بعد اعتماد الاقتصاد الريعي في التسعينات حيث بدأت تختفي الطبقة الوسطى من لبنان.
وعن تردد الدول العربية وغيرها في ضخ الاموال في لبنان بسبب تواجد حزب الله والدعوات لابعاده عن الحكومة، شدد الرئيس عون على “اهمية واولوية الوحدة الوطنية التي تشكل اساساً، وعلى وجوب ان يتفهم العالم هذا الوضع لانه لا يمكننا التفريط بها، فيما نجحنا في الحفاظ على الحرية السياسية لكل الاطراف ولا يمكن ان نبيع بلدنا.”
ولدى سؤاله عن مدى ارتباط النجاح الامني في القضاء على الارهاب وتثبيت الاستقرار، على الوضع الاقتصادي، اوضح الرئيس عون “ان الموضوع يعالج سياسياً وليس تقنياً اذ يرى كل شخص الموضوع من وجهة نظره السياسية. وقد تركنا الحرية السياسية للجميع، وتكلمت بصراحة في القمة العربية ودعوت الى الجلوس الى طاولة وتحديد المصالح الحيوية ليحترمها الجميع وننهي منطق الحرب.”
وسئل الرئيس عون عن مسألة النأي بالنفس وكيفية تطبيق لبنان لها، فأجاب “ان الدول العربية كلها اشقاء ولا يمكن ان نقف الى جانب شقيق من دون الآخر. وفي المقابل لا يمكن تجاهل ايران كقوة مؤثرة في الشرق الاوسط، وانا لا اتعرض لاي ضغط من اي دولة في العالم اكان ايران او اميركا او غيرها.”
ولفت الى وجود ميثاق في الجامعة العربية يحترمه لبنان ويجب على الدول العربية احترامه ايضاً. “في العام 2007، كتبت ان اسرائيل ستحاول تحويل الصراع العربي- الاسرائيلي الى عربي- عربي من خلال تقسيم المذاهب، ولن ندع اي شرارة تأتي من المشرق الى بيروت ولن ندع بيروت ترسل اي شرارة الى الشرق، وهذا ما يحصل.”
ولدى سؤاله عما يمكن ان يغيّر في اتفاق الطائف او الدستور لناحية موقع رئاسة الجمهورية، اوضح الرئيس عون “ان الوقت لم يحن للتفكير بهذا الامر.”
وخلال الحوار، تلقى الرئيس عون اسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأجاب على عدد منها، مشيراً الى انه يأسف لعدم قدرته على التواصل المباشر مع الناس كما كان يفعل سابقاً قبل انتخابه، فقد نشأ منهم وان شاء الله نزورهم في المستقبل ونتواصل معهم.
وسئل عما يمكن تحقيقه في السنوات الخمس المقبلة بعد تحقيق نحو 80 في المئة من الاهداف في السنة الاولى، فأجاب الرئيس عون ان هناك الكثير يجب القيام به، وفي مقدمه الوضع الاقتصادي الذي يحتاج الى بنية تحتية وطاقة وامن وقضاء وسد الدين، وهذا بحاجة الى عمل كبير.
ورداً على سؤال حول تأمين فرص عمل للشباب، اجاب رئيس الجمهورية انه يجب تحسين الوضع الاقتصادي والانتاج في لبنان ما يعزز فرص العمل، ويمكّننا من استيعاب العدد الاكبر من زيادة اليد العاملة وخريجي الجامعات، وتطوير لبنان وفقاً للمعايير الحديثة.
اما عن الوضع الامني والقلق منه، فدعا الرئيس عون الى الاطمئنان من ناحية مكافحة الارهاب، فيما لن تكتب الغلبة لاسرائيل بعد العام 2006، ولن تشن حرباً.
وحول رؤيته للبنان في عهده، قال الرئيس عون ان رؤيته هي ان يسترد لبنان ازدهاره ويحافظ على امنه، وعدم دخوله في لعبة اكبر منه سواء كان من اشقاء او غرباء، فنحن بلد يرغب في السلام مع الجميع ضمن اطر الحقوق والمصالح المتبادلة.
وختم رئيس الجمهورية الحوار بالقول: “حققنا ما امكننا من ترميم الدولة، ولكن ما ظهر الليلة هو وجود بعض الشكوك، ورغبتي في هذا الحوار كانت تبديد هذه الشكوك بين اللبنانيين والطلب منهم الالتزام بالحقائق وليس بالشائعات، وانا مستعد للاجابة عن كل الحقائق، وكنت صريحاً في اجاباتي حول مواضيع مطروحة علينا مستقبلاً وليس عما تحقق لانه بات امراً مكتسباً. لدى الشعب الكثير من المطالب، ونحن نتفهمها، ولا تغيب عنا اي مصلحة للشعب، ولكن الاهم هو ترميم الثقة بين بعضنا، وهذا امر لا يتم الا من خلال ضبط الكلام غير المسؤول، وعلى القضاء الاستماع الى كل من يطلق اتهامات مهما كانت صفته للبت بما يقال، فيكشف الفاسد او يتم ايقاف مطلق الشائعة.”