الجمعة , 29 مارس 2024

الحريري في احتفال عيد البشارة في الجمهور: حريصون على الحؤول دون أي انقسام وقضيتنا الكبرى هي حماية لبنان في مهب عواصف الشرق

نظم “اللقاء الإسلامي المسيحي حول سيدتنا مريم”، الذي يضم أكثر من ثلاثين جمعية لبنانية، وبالتعاون مع رابطة قدامى مدرسة سيدة الجمهور، الإحتفال الوطني المركزي الحادي عشر، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري وحضوره، في مدرسة سيدة الجمهور.
وحضر إلى جانب الحريري وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، حشد كبير من الشخصيات السياسية والدينية، رئيس مؤسسة الفكر التوحيدي المعاصر للحوار والأبحاث القاضي الشيخ مرسل نصر وممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الشيخ بلال الملا.

استهل اللقاء بتلاوة قرآنية بصوت الشيخ خالد يموت، ترافقت مع قرع أجراس الكنيسة، وغنت التينور اللبنانية كورين مدور ترتيلة آفي ماريا، ليقوم بعدها ست شباب لبنانيين، من الطوائف الست الأساسية، بتلاوة مقاطع من سورة آل عمران، وإنجيل لوقا.

وعزف كورال المبرات النشيد الوطني ثم ترتيل صلاة أبانا وتلاوة سورة الفاتحة ليبدأ بعدها الإحتفال.

وكانت كلمة الأمين العام لرابطة قدامى سيدة الجمهور أمين عام اللقاء الإسلامي المسيحي حول سيدتنا مريم رئيس إتحاد رابطات قدامى المدارس الكاثولوكية ناجي الخوري تحدث فيها عن تحديد 25 آذار عيدا للبشارة عيدا مشتركا بالتاريخ بين الديانتين المسيحية والإسلامية وقال: “حان الوقت ليلعب لبنان دوره، فلبنان وطن الرسالة كما وصفه القديس يوحنا بولس الثاني فلقد أعطاه سببا لوجوده ووضعنا أمام مسؤوليتنا وإن بدأ المشوار في هذا المكان بالذات، فلقد أخذت العدوى تنتشر في كل أرجاء الوطن والعالم” فمنذ 4 سنوات أعلن يوم 25 من آذار عيدا رسميا لمدينة الناصرة وحذت حذوها العديد من الدول الاوروبية”.

ودعا جميع المسؤولين والأحزاب والناشطين في مجال الحوار “لتضافر الجهود والعمل معا كي نفعل هذه الديناميكية التي انطلقت من لبنان”.

فكلمة رئيس مدرسة سيدة الجمهور الأب شربل باتور اليسوعي قال فيها: “سنة بعد سنة يكثر التطرف ويزداد الإرهاب باسم الله والدين وتتباعد المسافات بين الحضارتين المسيحية والإسلامية، فالعالم ما فتىء ينغمس بالكراهية والحقد والتضليل”.

وتناول “أهمية الصلاة في حياة كل مسلم ومسيحي ولا إرتباط واقعي بالله من دون حياة صلاة وعيشة تقوى وورع”. كما تحدث عن أهمية سيدتنا مريم في القرآن والإنجيل.

ثم كانت كلمة الامين العام ل”القاء الاسلامي المسيحي حول سيدتنا مريم” القاضي الشيخ محمد نقري، تحدث فيها عن تاريخ انتشار المسيحية والاضطهاد الذي تعرضت له على مر العصور لحين ظهور الإسلام والعلاقة بينهما، وقال: “ما بين مسيرتنا الإحتفالية الأولى في سنة 2007 إلى هذا اليوم نال المسلمون والمسيحيون على حد سواء نصيبهم من الارهاب والتهجير والقتل والتشريد من قبل حفنة مأجورة، قاتلة، حاقدة نصبوها زورا وبهتانا حاكما باسم الإسلام.

وتمنى على الحكومة “إطلاق إسم بشارة مريم على ساحة من ساحات العاصمة وإصدار طابع تذكاري يحمل الشعار المريمي المشترك وأن تمنح البلدية قطعة أرض لبناء المركز المريمي الإسلامي المسيحي للحوار وأن تسعى الدولة من خلال سفاراتها في أنحاء العالم بأن يكون 25 آذار يوم الحوار العالمي بين الاديان والثقافات”.
وتحدث القائم برئاسة المجلس الإسلامي العلوي الشيخ محمد حيدر ألقاها ممثله محمد عصفور، قال: “سنبقى نجتمع لأننا نؤمن بأن الإنسان محور هذا الوجود وجوهره، فالخلق كلهم عيال الله وقد خلق الله الانسان قبل الديانات ثم أوجد الديانات خدمة لهذا الانسان. لقد اختلف الناس عبر التاريخ على الله وعبادته أعبد الله كما شئت فالله للجميع ولكن اذا اردت ان توحد الحق فعليك ان تحترم الخلق، فالطرق الى الخالق بعدد أنفاس الخلائق”.

وكانت كلمة الأب هنري بولاد اليسوعي قال فيها: “ليكن لقاؤنا اليوم بداية لنوع جديد من الحوار مختلف عما سبق، حوار يتمكن فيه كل منا من الحديث بصدق من دون نفاق، حوار بكل صراحة وصداقة ما يلوم به على الآخر وما يزعجه حوار لا يبغي فقط تعايشا سلميا ولكن يسعى إلى رؤية مشتركة بالإنسان والمجتمع، فاختيار الدستور اللبناني لتهميش الإنتماء الطائفي وإلغاء خانة الديانة من الهوية والسماح بحرية العقيدة كحق أساسي يمثل إختيارا رائدا وثوريا في بلادنا الشرقية”.

وختم بالقول: “إن القاعدة الوحيدة لمجتمع متعدد الطوائف هو المواطنة التي تضمن مساواة حقيقية بين الجميع وتزيل وصمة الذمية، فليكن لبنان مثالا معديا يحتذي به مجمل البلاد العربية والإسلامية”.
ثم ألقى راعي الاحتفال كلمة استهلها بالقول للحضور: “يسعدني هذا المساء أن أشارك اللقاء حول سيدتنا مريم عليها السلام، مع هذه الوجوه الكريمة الملتقية على الخير والمحبة، في الذكرى السابعة لإعلاننا هذا اليوم عيدا وطنيا”.

أضاف: “إن القرار الذي اتخذته حكومتي يوم 18 شباط 2010، هو من أغلى القرارات الى قلبي، ليس فقط لما تمثله السيدة مريم في الديانتين المسيحية والإسلامية، وقد اجتمعتا على تقديسها وتكريمها في الإنجيل والقرآن معا، بل لأنها تجمع. ونحن في لبنان كنا وسنبقى أوفياء لما يجمعنا في التآخي والإنفتاح وقبول الآخر واحترامه”.

وتابع: “إن هذا العيد قد ترسخ في تقاليدنا اللبنانية، ليعطي وحدتنا الداخلية بعدا ساميا يضاف إلى المعاني الوفاقية الأخرى للتجربة اللبنانية وعطاءاتها العابرة للحدود، والتي اختصرها البابا القديس يوحنا بولس الثاني بقوله عام 1989: إن لبنان هو أكثر من بلد، إنه رسالة حرية ونموذج في التعددية للشرق كما للغرب”.

واستطرد: “والحقيقة أنه من دواعي فخري، شخصيا، أن مبادرتنا هنا في لبنان للاحتفال بهذا اليوم قد امتدت إلى عدد من الدول والمجتمعات العربية والأجنبية”.

وقال: “منذ البدء ذكر دستورنا عام 1926 بأن حرية الإعتقاد مطلقة، والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها. وفي إعلانه ذاك كان لبنان سباقا، كما في مجمل حرياته العامة، ليعبر في النص والكلمة والتجربة المعاشة، أن هذا البلد الصغير الرقعة، في حسن وفائه لإنتمائه العربي، ما زال نموذجا حيا للمجتمعات المتنوعة بشريا، بالرغم من كل الأزمات التي مر فيها”.

أضاف: “لقد جعلت شعار حكومتي: استعادة الثقة. وهو لا يعني فقط استعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها، واستعادة الإستقرار وإعادة إحضار لبنان في محيطه العربي وفي العالم، بل إني كنت أعني أيضا الثقة بما يمثله لبنان من قيم، يبدو كل العالم بحاجة إليها اليوم.
وإني أرى في هذه الوجوه الكريمة الحاضرة في هذا المكان، ما يعبر خير تعبير عن رحابة التلاقي والأخوة والتسامح والإعتدال واحترام خصوصيات الآخر. وهذا ما يريحني في اختيار ذلك الشعار”.

وأردف: “وإذا كنا اليوم مجتمعين حول خير نساء العالمين، وهي نقطة الإلتقاء الكبير بين المسيحية والإسلام، فهل يعقل ألا نكون، نحن اللبنانيين، مجتمعين حول لبنان؟ وأن يكون الملتقون حول مريم مختلفين حول لبنان؟”.

وقال: “لقد عقد منذ أيام في الأزهر الشريف، بدعوة منه ومن مجلس حكماء المسلمين، مؤتمر حول الحرية والمواطنة: التنوع والتكامل، وصدر عنه إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك والذي اختصر كلمات المشاركين من رجال دين مسلمين ومسيحيين وضيوف كبار من العالم الإسلامي والفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي وغيرها، إلى حضور لبناني بارز من رجال دين ومفكرين يشهدون للتجربة اللبنانية.
فذكر أن الدولة والكيان السياسي لا يقومان على الدين بل على العقد الإجتماعي والسياسي بين أهل الموطن الواحد، ودان التصرفات التي تتعارض ومبدأ المواطنة وهي الممارسات التي لا تقرها شريعة الإسلام.
ودعا لشراكة متجددة بين المواطنين العرب، مسلمين ومسيحيين تقوم على التفاهم والإعتراف المتبادل والمواطنة والحرية، متحدثا عن السفينة الواحدة التي تواجه المخاطر المشتركة”.

أضاف: “واسمحوا لي هنا أن أروي لكم حادثة تشعرنا جميعا بالإرتياح وهي أني عندما التقيت لأول مرة قداسة بابا الأقباط تواضروس الثاني قال لي مازحا: نحن في مصر صرنا زيكو نتحدث عن العيش المشترك”.

وأردف “إن بعض بلدان العرب ضربتها في السنوات الأخيرة عواصف الحروب على أنواعها، وممارسة الإجرام والإرهاب بإسم الدين، على يد أقلية ضالة تستهدف قيم الإسلام وقيم الإنسان. أين نحن اليوم إزاء هذه التحولات في شرقنا العربي وفي العالم، وقد نالنا الكثير من عمليات الإرهاب هنا في لبنان، حيث سقط شهداء أبرياء من المدنيين وشهداء من الجيش اللبناني ومن قوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة، ولا يزال لنا أسرى أعزاء لدى الإرهابيين لا يمكن أن ننسى قضيتهم، والتضحيات التي يقدمونها”.

وأكد “اننا مدركون تماما لوسائل حماية لبنان من مختلف النواحي، العسكرية والأمنية والسياسية والدبلوماسية. وإننا اليوم حريصون أشد الحرص، مع فخامة رئيس الجمهورية في الحكومة وسائر أركان الدولة وقيادات المجتمع، على الحؤول دون أي انقسام. فإننا اليوم نحمل قضية كبرى وهي حماية لبنان في مهب عواصف الشرق، وفي هذه اللحظات التاريخية المفصلية التي تتزاحم فيها المصالح الدولية والإقليمية على رقع الحرب والدمار”.

وتابع: “إننا نحمي أنفسنا أولا بوحدتنا، بالحرص على الوفاق والحوار، وهما أساس في نظامنا وفي حياتنا. نحمي أنفسنا بنموذج الإعتدال الذي نمثله وواجب الحفاظ عليه. فنحن أهل الإعتدال. أهل التواصل والتعقل والتسويات النبيلة. ونحن ورثاء أجيال من العطاء الفكري والأدبي والعلمي كصورة صادقة عن عطاءات المجتمعات الموحدة، التي لم تبخل بالبذل في مناخات الحرية. لأن كل استبداد هو كم للأفواه والأفكار معا. كل استبداد هو تخلف ونحن اليوم في عصر الإنفتاح العالمي، حيث العالم قرية كونية، يتسابق فيها التطور مع التقنيات المستجدة كل يوم”.

وأردف: “إن الإخوة العرب هم في طليعة من يعترف بالنموذج الذي يجسده لبنان واللبنانيون، في الحيوية والإندفاع والإنفتاح والإبداع. وهم حريصون على أن يبقى لبنان تلك الواحة الإنسانية، قبل الفكرية. كمحطة التقاء. كمصدر عطاء للعقول والقلوب المنفتحة”.

وقال: “كان والدي الشهيد يردد دائما أن ما يجمع بين اللبنانيين هو أكثر بكثير مما يفرقهم. وكم كان ليسعد بهذا المشهد الجليل وبهذه الصورة الحية للبنان الذي أراده وأحبه واستشهد في سبيله، لذلك العيش الواحد الذي لم يخل من ذكره أي موقف أو تصريح أو بيان وزاري.
وأصارحكم القول إني شخصيا نشأت وربيت في هذه الأجواء السمحة والرحبة. شديد الوثوق برغبة اللبنانيين الحقيقية بالعيش معا، موحدين رغم التباينات، ملتزمين بمواثيقهم رغم العواصف الحالية، متطلعين دائما الى المستقبل على نحو ما يليق بهم. رجائي أن نبقى دائما مجتمعين وموحدين حول خير نساء العالمين، الصديقة أم عيسى المسيح، سيدتنا مريم عليها السلام وأن نبقى دائما مجتمعين متحدين لأجل لبنان”.

وختم قائلا لمنظمي الاحتفال: “بعدما طلبتم تخصيص طابع بريدي وأرض لبناء مركز “مريم” للحوار بين المسلمين والمسيحيين وساحة في العاصمة بيروت لهذه الغاية، تم الاتصال من قبل الوزير بيار رفول مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون، واتفقنا على منح كل هذه الطلبات لكم. عشتم، وعاش لبنان”.

وقال رئيس الإتحاد العالمي لقدامى مدارس الآباء اليسوعيين آلان دينيف قال: “يشكل الإجتماع حول الصورة الساطعة لمريم النهج القادر على السماح لكل إنسان أن يفهم ما هي المفاهيم التي تلهم الآخر مع احترام معتقداته الذاتية، هذا هو المغزى مما نفعله معا منذ عدة سنوات تكريم المرأة مع تشارك قيمنا الإنسانية المشتركة”.

ثم ألقى الشيخ حاتم ضو كلمة مؤسسة الفكر التوحيدي المعاصر للحوار والأبحاث، ومما جاء فيها: “كعادتنا كل عام، نأتي في المعية، وما المعية، إلا فعل الجمع والوحدة والتوحيد والتقريب. وما معا إلا حركة محبة، تعتصر بها قوة الجمع قوة الفرق، فتهزمها وتغلبها، وما أجمل أن نلتقي، كل عام، لنحتفل معا بالبشارة، بشارة الأمن، والأمان، والتلاقي، بشارة لقاء الأحبة، والإخوة، في رحاب النور الرباني، والتمظهر الحقاني، لا نفهم البشارة خارج إطار فرحنا باختلافنا، واحتفالنا بتنوعنا وتعددنا، وقبولنا لنفسنا ولآخرنا، وشكرنا لله العظيم الحنان المنان على نعمة الإختلاف، الذي لن نجعل منه سببا للخلاف إن شاء الله”.

وأضاف: “تنوعنا إرادة ربانية، فلو شاء جعلنا أمة واحدة، ولكنه جل وعلا أرادنا متنوعين، متعددين لحكمة في ذاته المقدسة. للسنة الحادية عشرة على التوالي، مستمرون في الإحتفال، مستمرون في الشراكة، مستمرون في الفرح، مستمرون يدا بيد، مسلمين ومسيحيين ما بدأ كحلم، بات اليوم يعيد بشارته الحادية عشرة”.

وقال: “دولة الرئيس، كنتم من وقع ذاك المرسوم التاريخي، بجعل البشارة عيدا وطنيا، هل خطر ببالكم يا دولة الرئيس أنكم إذ ذاك، توقعون عقدا ووعدا وعهدا. عقد الوفاء الإسلامي المسيحي، ووعد الأخوة المريمية الإلهية، وعهد المشتركات الإيمانية، ما قمنا به معا يا دولة الرئيس، ومهرتموه أنتم بتوقيعكم بما مثلتم وتمثلون من الإسلام المعتدل، النقيض الموضوعي لإسلاموية قاطعي الرؤوس، كان مشروع الحلم وحلم المشروع أدركت، محصت، فكرت، ووقعت وفزت، ورب الكعبة يا شيخ سعد”.

وختم ضو: “لا نستطيع فهم روح الرسالة المحمدية إلا بالحسنى والموعظة الحسنة ولا روحية الرسالة العيسوية اليسوعية المسيحية إلا بتطبيق مندرجات حضارة المحبة والتضحية والغفران هذا وعدنا، هذا عهدنا، هذه رسالتنا، هذه دعوتنا، هذه بشارتنا، وبروحية معا سنبقى إن شاء الله”.

وتخلل اللقاء تراتيل وموشحات واغاني صوفية، فقدم المنتدى العالمي للأديان والإنسانية ترتيلة مريمية بعنوان “حزني بيندهك” من كلمات الشاعرة ندى منير عبد النور ومن ألحان وأداء الفنان عادل العراقي، واختتم اللقاء بدعاء مشترك لممثلي الطوائف اللبنانية.

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *