الأحد , 19 مايو 2024

الحريري: الشعب اللبناني قادر على حماية أرضه من أي عدوان إسرائيلي ولا يحتاج إلى قوى خارجية أو ميليشيات مهما كانت جنسيتها

رد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله من دون أن يسميه، بالقول إن “الشعب اللبناني قادر على أن يحمي أرضه بنفسه من أي عدوان إسرائيلي ولا يحتاج إلى قوى خارجية أو ميليشيات مهما كانت جنسيتها”، معتبرا أن كلامه “لا يعبر عن موقف الدولة اللبنانية”، وأضاف “الانتخابات قادمة، واللبنانيون واللبنانيات سيقولون بوضوح إذا كان هذا ما يريدونه: أن يستوردوا معرفة ومهارات، ويصدروا حلولا وخدمات ومنتجات، أو كما يهدد البعض في هذه الأيام، أن يستورد حرسا ثوريا وميليشيات!”.

كلام الحريري جاء خلال رعايته، مساء اليوم، حفل تخريج طلاب الجامعة الأنطونية- دفعة العام الدراسي 2016-2017، الذي أقيم في حرم الجامعة، في حضور ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إيلي سلوم، ممثل وزير الدفاع يعقوب الصراف ميشال جريصاتي، ممثل وزير الإعلام ملحم الرياشي عمر سماحة، وحشد من الإداريين والأساتذة والأهالي والطلاب.

بعد دخول الخريجين البالغ عددهم 550 طالبا، عزف كورال الجامعة النشيد الوطني، تلاه نشيد الجامعة الأنطونية، ثم تحدث باسم الخريجين الطالب جاد واكيم، الذي شكر “كل من أسهم في بلوغنا هذه اللحظة: أهلنا الذين لم يألوا جهدا لدعمنا، جامعتنا الأنطونية التي احتضنتنا سنوات، رئاسة الجامعة وإدارتها وأساتذتنا”.

ثم ألقى رئيس الجامعة الأب جرمانوس جرمانوس، كلمة فقال: “نقف اليوم، أمام هذه الباقة من المتخرجين، وكأننا أمام ورود زرعت بالإيمان، وسقيت بالأمل، ونمت بالكد والتعب، حتى أينعت اليوم وتفتحت، فهلم لقطاف براعم ستعطر بشذى فكرها أرجاء الوطن، بل أنحاء العالم”.

أضاف “هنيئا للجامعة الأنطونية بمتخرجيها، وهنيئا للوطن بجامعاته، بصروح العلم التي تسلح شبابنا الواعد بمستقبل أفضل وبمستقبل زاهر. هنيئا لكم أيها المتخرجون لأنكم نهلتم من هذا المعين الصافي ما يلزمكم من علوم لتستنيروا، فتنطلقوا إلى معترك العمل مزودين بمنهجية تفكير وبحث، وبأسس العلوم المختصة بمجالاتكم، تستندون إليها لتنطلقوا إلى مرحلة جديدة من التنشئة المستدامة. أجل، اليوم هو نهاية مرحلة الدرس، لكنه بداية مرحلة جديدة، هي مرحلة التطبيق والبحث. في عصر بات فيه تطور العلوم سريع الوتيرة للغاية، لا تظنوا أن نضالكم العلمي قد انتهى، بل لعله فعليا الآن قد بدأ”.

وتابع “لأننا في الجامعة الأنطونية ندرك صعوبة الانخراط في سوق العمل وتحدياته، التي قد تؤهل أي متخرج يجد نفسه أمامها وحيدا، فقد طورنا، سنة بعد سنة، العلاقات مع سوق العمل والعالم المهني بفضل علاقاتنا مع المؤسسات، وأيضا بفضل أشخاص محترفين في سوق العمل، هم في الوقت عينه ملتزمون في الإطار الأكاديمي لكليات جامعتنا، التي تشكل رصيدا ثمينا في التنشئة التي تقدمها لطلابها”.

وأردف “انطلاقا من الروح عينه، يقيم مكتب الإدماج المهني (BIP) في الجامعة الأنطونية روابط متينة مع سوق العمل، إذ يغطي مختلف المجالات والتخصصات، التي تشملها كلياتنا. فإن تأمين وظائف تدريبية معترف بها لطلابنا المتخرجين حديثا، هو مرحلة لا غنى عنها في رسالتنا التربوية الأكاديمية. وغالبا ما تختتم هذه المرحلة بتعيين المتدربين في وظائف ثابتة. في الوقت عينه، يضع هذا المكتب، بفضل علاقاته مع سوق العمل، متخرجي الجامعة الأنطونية في صلة مباشرة مع مختلف الشركات، الأمر الذي يسهل عملية التوظيف”.

واستطرد “اسمحوا لنا أن نستغل هذه الفرصة، وكل فرصة، لنداء الوزارات المختصة من أجل تنظيم أفضل لسوق العمل في لبنان، من خلال قوانين وسياسات تبدد حيرة المتخرجين الجدد وتستجيب لتطلعاتهم، فإن لبنان، وإن كان خزانا للأدمغة التي نفتخر بتصديرها للخارج، أفلا يجب أن نضع حدا لهذا النزف حتى نبني وطننا بأدمغتنا؟”.

وتوجه إلى المتخرجين: “أيها المتخرجون، إليكم أتوجه بكل اعتزاز، لأنكم فخر الجامعة الأنطونية، بكل جدارة وامتياز. فكم قضيتم من ساعات وأيام وسنين على مقاعدها، وكم من همسة تهامستموها في أروقتها، ومن فسحة تشاركتموها في ساحاتها وملاعبها، فكما أنتم نتاجها، هي أيضا نتاجكم، وكما هي مقياس نجاحكم، أنتم أيضا مقياس نجاحها، وقد بلغ بكم هذا التماهي حتى بلغتم إلى هذه اللحظة السعيدة، التي لبستم فيها هذا الثوب، ثوبها، كما لبسكم هو، وكما حصلتم على شرف اعتمار هذه القبعة الأنطونية”، مؤكدا “نحن على ملء الثقة بأنكم ستشرفونها أينما حللتم”.

وقال: “وصيتي لكم اليوم: كونوا بناة وطننا الجديد الذي نطمع إليه جميعنا، وطن الحوار والعلم والتقدم والرقي. لا تستسلموا لصعوبات العمل وسوق العمل، لأن وطننا بحاجة إليكم، إلى طاقاتكم وحماستكم، إلى دم الشباب الذي يغلي في عروقكم، لا لدفعكم إلى أتون الصراعات السياسية والطائفية والقبلية التي سئمناها، بل لخوض صراعات ثقافية، حيث نتقارع بالأفكار والنظريات والبراهين والإنجازات. هذا ما نصبو إليه، وهذا الأمل الذي نراه يلمع في بريق عيونكم، وأنتم تتسلمون شهاداتكم”.

وختم “أخيرا، وقبل أن أترك المنصة لكم دولة الرئيس، لا يسعني إلا أن أعبر عن فرحتي وعن فرحة عائلتنا الأنطونية لتواجدكم المحبب بيننا. إن دأبكم على رعاية حفل تخرج طلابنا، هو خير دليل على اهتمامكم بالشأن التربوي والتعليم العالي، هو رسالة إلى المتخرجين تؤكدون بها دعمكم إياهم في خوض مسيرة مكللة بالنجاح، سبيلا إلى تأمين مستقبل زاهر لأجيالنا الصاعدة، في وطن آمن وواعد، أنتم الذين عرفتم بحمل هم جيل الشباب وآمالهم وتطلعاتهم نحو المستقبل. فشكرا لرعايتكم هذا الحفل، ولدعمكم الدائم لجامعتنا”.

ثم ألقى الحريري كلمة، فقال: “بداية، أود أن أوجه باسمي وباسمكم جميعا تحية لأبطال الجيش اللبناني، الذين قاموا بعملية ناجحة في محيط بلدة عرسال. وندعو الله أن يشفي جرحانا ويحمي أهلنا في عرسال وكل لبنان”.

أضاف “أحبائي الخريجين والخريجات: فرحتنا كبيرة اليوم، أمام هذا المشهد الرائع، مشهدكم الذي يشبه الأفق الواعد، مجموعة من شباب وشابات لبنان المنطلقون نحو ميدان الحياة، حاملين معهم الأخلاق والعلم والاختصاص، من جامعة تنتمي لرهبانية عريقة أعطتكم بلا حساب، لتفتح أمامكم أبواب المعرفة والتواصل والانفتاح والفرص التي لا حدود لها. فرح هذا النهار هو فرحكم وفرح أهلكم وفرح أساتذتكم، وبصراحة هو أيضا فرحي بأحلامكم، التي تذكرني بأحلامي أنا، يوم كنت مثلكم أتخرج من الجامعة. طبعا، القدر كانت لديه مشاريع أخرى، واختلطت المأساة الشخصية بالمصير الوطني وصرت في موقع مسؤولية، لا علاقة له بأحلامي يوم التخرج”.

وتابع “لكن اليوم، كما قبل أسبوعين حين حضرت تخرج ابني حسام من المدرسة، أشعر نفسي مجددا بفضلكم جالسا بينكم أحلم. لأن الأوطان لا يصنعها المسؤولون. على كل حال، لا يصنعونها وحدهم. الأوطان تصنعها المجتمعات، قبل كل شيء. تصنعونها أنتم، المواطنون، بالمبادرات الفردية والجماعية، وهذا ما يحدث الفرق، كل الفرق، بين الأنظمة الحرة وغيرها، بين الانتماء للعصر والانتماء للماضي”.

وأردف “نحن اللبنانيين، منذ أجيال وأجيال، نشأنا مع الحرية. ولبنان لا يستطيع إلا أن يكون حرا. هذا من الأمور التي جميعنا، من دون استثناء، متفقون عليها. لكن الشاب اللبناني والشابة اللبنانية لا يكونان حرين إذا كان أول ما يفكران به يوم التخرج، هو كيف سنخرج من بلدنا لنحقق أحلامنا ولنضمن مستقبلنا. أهلكم لا يكونون أحرارا، إذا كان بعد كل التعب والسهر والتضحيات، ليوصلوكم إلى هذا اليوم، ليست لديهم إلا كلمة واحدة على لسانهم: “شو بدو يبقى يعمل هون، خليه يسافر!”. أليس هذا ما نسمعه كل يوم؟ لذلك، ولكي نكون فعلا أحرارا في بلد حر فعلا، أعتبر أن مهمتي الأولى في رئاسة الحكومة هي إيجاد فرص العمل للشباب اللبناني، وذلك لن يتحقق إلا بالنمو الاقتصادي، وشرطه الأول: الاستقرار”.

وقال: “صحيح أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يقول أن لبنان ليس فندقا خمس نجوم، إن لم تعجبنا الخدمة فيه نوضب حقائبنا ونهاجر، ولكن مسؤوليتنا جميعا هي أن نحافظ على الاستقرار. وقد كان واضحا أن الاستقرار في خطر حين كنا نعيش في فراغ رئاسي، وكان أول قرار اتخذته: انتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون، لإنقاذ البلد من هذا الخطر. ومنذ ذلك الحين والحمد الله، نأخذ كل يوم قرارات تحمي الاستقرار، وكان آخرها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات. وأنا أؤكد لكم أن هذا التوافق مستمر ويفتح الطريق لخطوات متسارعة سترونها قريبا لتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وكل مؤسسات الدولة لتدعيم الاستقرار وتحريك عجلة النمو. هذه مسؤوليتنا ونحن سائرون فيها بإذن الله”.

أضاف “ولكن بما أنكم تتخرجون اليوم، أي أنكم تدخلون إلى مرحلة الحياة الراشدة والمنتجة، وتصبحون أسياد قراركم بالكامل، دعوني أحدثكم قليلا عن مسؤوليتكم أنتم. نحن في عالم يتغير بسرعة رهيبة. قبل شهر، سمعت خطاب مؤسس فايسبوك في حفل تخرج، مثل حفل اليوم، في جامعة هارفارد. وملخصه أن التكنولوجيا ستلغي ملايين الوظائف بالمكننة في هذا الجيل، ولكنها تفتح المجال لملايين الوظائف الجديدة، شرط أن يطور هذا الجيل، أي جيلكم، الأفكار التي لا تهبط بالباراشوت، إنما تخرج بالعمل والجهد والابتكار والمثابرة.
وكذلك، يتفق كل المختصين أن الاقتصاد الجديد، اقتصاد المعرفة، سيكون باب النجاح فيه للأفراد والمجتمعات، هو القدرة على التأقلم والابتكار والمثابرة. أليست هذه الأمور، التأقلم والابتكار والمثابرة، أول ما يتبادر إلى الذهن حين نقول: لبنان؟ أو لبناني أو لبنانية؟ أي أن كل الشروط متوفرة لكم كخريجين ولنا كمجتمع وكبلد لنحقق النجاح بهذا الاقتصاد الجديد”.

وتابع “نحن لدينا 47 جامعة ومعهد جامعي، تضم حاليا حوالي 200 ألف طالب وطالبة، يتخرج منهما 30 ألف سنويا. أنتم رأسمالنا البشري، أنتم نفطنا الحقيقي! ولكن لنستخرجه ونستفيد منه، يجب أن نطابقه مع حاجات السوق، حاجات الاقتصاد الجديد”.

ولفت إلى أنه “قبل مدة، زارني وزير التعليم العالي السويسري، وقال لي إن لديه سبعة أولاد، خمسة منهم اختاروا التخصص التقني، واثنان فقط اختاروا التخصص الجامعي التقليدي. وقال لي بكل فخر إن هذا هو المعدل في سويسرا: 30 بالمئة فقط يتوجهون إلى التعليم الجامعي، والباقي تقني! هذه سويسرا، أي أعلى دخل فردي في العالم! وهذا النموذج أيضا هو نفسه في ألمانيا، التي يصل فيها خريجو التعليم التقني إلى قيادة أكبر الشركات وأعلى مراكز المسؤولية. مسؤوليتنا أن نؤمن الاستقرار ونحرك الاقتصاد، ومسؤوليتكم أن تتأقلموا مع الاقتصاد الجديد وتحولوا كل ما اكتسبتموه حتى اليوم إلى أفكار وجهد وابتكار وإبداع”، مؤكدا “أنا ليس لدي شك في أنكم ستكونون جيل النجاح، وأن بلدنا سينتج حلولا للمنطقة والعالم، وسيستورد معرفة ومهارات، وسيصدر خدمات ومنتجات، وليس عقولا، وليس خريجين وخريجات!”.

وقال: “على كل حال، الانتخابات قادمة، واللبنانيون واللبنانيات سيقولون بوضوح إذا كان هذا ما يريدونه، أن يستوردوا معرفة ومهارات، ويصدروا حلولا وخدمات ومنتجات، أو كما يهدد البعض في هذه الأيام، أن يستورد حرسا ثوريا وميليشيات!”، خاتما “في كل الأحوال، هذا كلام لا يعبر عن موقف الدولة اللبنانية، والشعب اللبناني قادر على أن يحمي أرضه بنفسه من أي عدوان إسرائيلي، ولا يحتاج لأي قوى خارجية ولأي ميليشيات مهما كانت جنسيتها”.

وفي ختام الحفل، قدم جرمانوس إلى الحريري “الريشة الذهبية” كعربون شكر تقدير.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *