الإثنين , 20 مايو 2024

الجمهورية : ضغط فرنسي و”دفشة” أميركية ‏ناعمة… والشارع يحرّك التأليف

كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : دخل لبنان في مشهد جديد لم يكن متوقعاً في هذا التوقيت بالذات ‏في ظل الإقفال العام واجتياح كورونا الذي تحوّل مجزرة حقيقية تحصد ‏يومياً عشرات الضحايا ومئات المصابين، ولكن يبدو انّ الجوع وصل ‏إلى حد لم تعد تسأل معه الناس عن حياتها وخطورة إصابتها بعدوى ‏كورونا طالما انّ النتيجة ستكون نفسها على قاعدة “تعددت الأسباب ‏والموت واحد”.‏

 

وعلى رغم أنّ الاحتقان الاجتماعي ليس خافياً على أحد بفعل حدة ‏الأزمة المعيشية، فإنّ نزول الناس إلى الشارع لم يكن مطروحاً في ‏ظل مناخ الرعب الذي أحدثه كورونا، وقد جاءت هذه الاحتجاجات كي ‏توجّه رسالة شديدة اللهجة الى القوى السياسية التي تؤلِّف الحكومة ‏على نار باردة وعلى وقع خلافات مفتوحة وكأنّ البلد في ألف خير، ‏ومضمون هذه الرسالة واضح المعالم وهو انّ البلاد تتجه إلى انفجار ‏اجتماعي في حال لم يُصَر إلى الإسراع في التأليف، ووضع الخطط ‏الإصلاحية لفرملة الانهيار الحاصل والمتمادي. ففي السلطة هناك من ‏كان يستفيد من الإقفال القسري وانتشار جائحة كورونا ليواصل ‏سياساته التقليدية، ففاجأته الناس من حيث لم يكن يدري ويتوقّع، ‏متحدية الموت في تظاهرات شملت أكثر من منطقة لبنانية وكان ‏أشدها عنفاً في طرابلس، الأمر الذي سيفرض على الفريق الحاكم ‏تغيير سياساته قبل فوات الأوان ودخول البلاد في المحظور.‏

‏ ‏

ويرى المراقبون ان الاحتجاجات هذه المرة لن تكون نسخة طبق الأصل ‏عن احتجاجات 17 تشرين 2019، لأن الأوضاع المعيشية تدهورت بنحوٍ ‏مخيف، وجاء الإقفال الذي فرضته الظروف الصحية ليفاقم في هذه ‏الأوضاع، خصوصاً لدى الفئات الشعبية التي تعتاش من عملها ‏اليومي، فإذا لم تعمل لا تستطيع ان تأكل، وبالتالي وجدت نفسها ‏‏”على الأرض يا حكم”، وفي حال لازمت منازلها فإنها ستموت جوعاً.‏

 

ويسأل المراقبون: هل تستشعر السلطة خطورة توسُّل الناس للشارع ‏في ظروف صحية خطيرة للغاية؟ وهل تسأل نفسها ماذا يعني ان ‏تجازف الناس بحياتها، وماذا يمكن ان تقدم عليه؟ وهل ستبدِّل في ‏أولوياتها وتسرِّع وتيرة التأليف من أجل امتصاص نقمة الناس ‏وغضبها، أم انها ستتعامل مع الاحتجاجات كونها عابرة وظرفية وقمعها ‏كفيل بإنهائها عن بكرة أبيها؟

 

ولا شك في ان تطور الشارع غير المنتظر ولا المتوقّع سيعيد خلط ‏الأوراق الحكومية سريعاً، وإلا سيكون لبنان مع انفجار اجتماعي ما ‏بعده غير ما قبله.‏

وعلى وقع اشتعال الشارع مجددا أمس بحركات احتجاج شملت بيروت ‏وعدد من المناطق، لم تظهر على جبهة الاستحقاق الحكومي أي ‏مؤشرات جدية توحي بوجود توجه عملي الى تأليف الحكومة في وقت ‏قريب، على رغم كل التوقعات التي نشطت إثر الاتصال الطويل قبل ‏ايام بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الاميركي جو بايدن.‏

‏ ‏

واعتبر مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن واشنطن تحتاج إلى اتباع نهج ‏‏”أكثر واقعية” في التعامل مع “حزب الله” اللبناني، للمساعدة في ‏الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان.‏

ونقلت وكالة “رويترز” عن المسؤول الفرنسي قوله أمس إن “هناك ‏وضعاً عاجلاً في لبنان ونعتقد أن هناك أولويات يمكن (لفرنسا ‏والولايات المتحدة) متابعتها معاً”. وأشار إلى “أن الأولوية بالنسبة ‏الى الرئيس الفرنسي هي تشكيل حكومة لبنانية يمكنها الاستمرار في ‏العمل بفاعلية”. وأضاف: “لا نتوقع تغيّراً في الموقف الأميركي تجاه ‏‏”حزب الله”، بل مزيد من الواقعية الأميركية في شأن ما هو ممكن أو ‏غير ممكن نظراً الى الظروف القائمة في لبنان”. وقال إنه لا توجد أي ‏خطط عاجلة لإعادة تحديد موعد لزيارة ماكرون للبنان، التي تأجلت ‏في كانون الاول الماضي عندما أصيب بفيروس كورونا.‏

 

وفي الوقت الذي رجّح البعض ان يكون الاستحقاق الحكومي قد تحرك ‏تحت ضغط الشارع وعلى نار الاطارات التي أشعلها المحتجون في ‏غير منطقة، ذهب فريق من السياسيين الى الحديث عن توجه فرنسي ‏ضاغط في اتجاه تأليف الحكومة تواكبه “دفشة” اميركية ناعمة في ‏الاتجاه نفسه.‏

 

وعلمت “الجمهورية” انّ ملف تشكيل الحكومة يتحرك خلف الاضواء ‏ضمن مفاوضات غير مباشرة تحصل بين بعبدا و”بيت الوسط” يقودها ‏اللواء عباس ابراهيم العامل على هذا الخط صعودا ونزولا، في محاولة ‏لتذليل العقبات المتبقية من امام ولادة الحكومة، ولترتيب تفاهم بين ‏الطرفين يسمح بعقد لقاء مُنتج وليس شكلياً.‏

 

وأكدت مصادر مواكبة للإتصالات لـ”الجمهورية” ان المفاوضات ‏قطعت شوطاً رغم انها عسيرة بسبب التصلب في المواقف، مدعومة ‏بضغط أميركي ـ فرنسي لإيجاد حل للازمة اللبنانية. ولفتت الى ان ‏الامور تحتاج الى وقت وليست سهلة، ملمّحة الى عودة حراك الشارع ‏وارتباطه الخفي بملف التشكيل”.‏

‏ ‏

الى ذلك قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” ان الحريري ينتظر ‏تحديد بعض المواعيد للبت بزيارته لباريس، بعد الجهود التي بذلتها ‏الادارة الفرنسية في المرحلة التي تلت وصول بايدن الى البيت ‏الأبيض ومضمون الاتصال الذي تم بينه وبين ماكرون.‏

ولفتت هذه المصادر الى انّ هذه الاتصالات ما زالت قاصرة عن اجتراح ‏المدخل الى إحياء اللقاءات بين عون والحريري للبَت بالصيغة ‏الحكومية من حيث انتهت الاتصالات في شأن التشكيلة التي كان ‏الحريري قد سلمها لرئيس الجمهورية منذ 9 كانون الاول الماضي.‏

 

وعلى خلفية إصرار فريق رئيس الجمهورية واركان “التيار الوطني ‏الحر” الذين واصلوا حملاتهم على الحريري ومطالبته بالعودة الى ‏زيارة القصر الجمهوري لمناقشة ملف التشكيل مع عون، غرّد ‏المستشار الإعلامي للرئيس المكلف حسين الوجه عبر “تويتر” كاتباً: ‏‏”لم يعد اللبنانيون يفهمون الأسباب الكامنة وراء تهرّب رئيس ‏الجمهورية وامتناعه عن القيام بواجبه الدستوري بتسهيل تشكيل ‏الحكومة وتوقيع مراسيم التشكيل بالإتفاق مع رئيس الحكومة ‏المكلف”. واضاف: “إزاء ذلك، يطرح اللبنانيون تساؤلات جدّية حول ما ‏إذا كان رئيس الجمهورية يريد فعلاً تشكيل حكومة أم أنه يحتجز ‏التأليف في جيبه، كما احتجزوا الانتخابات الرئاسية لسنتين ونصف ‏السنة”.‏

 

وكان “تكتل لبنان القوي” قد قال، بعد اجتماعه الدوري الالكتروني ‏برئاسة النائب جبران باسيل: “لم يعد اللبنانيون يفهمون الأسباب ‏الكامنة وراء جمود رئيس الحكومة المكلف وامتناعه عن القيام بواجبه ‏الدستوري بتشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. وإزاء هذا ‏الموقف، فإنّ التكتل يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كان رئيس ‏الحكومة المكلف يريد فعلاً تشكيل حكومة، أم أنه يحتجز التكليف في ‏جيبه إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا”.‏

‏ ‏

وفي ظل الظروف الراهنة، برزت الجولة التي أجرتها السفيرة الاميركية ‏في بيروت دوروتي شيا على كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد زيارتها الحريري قبل ايام ‏بعيداً من الاعلام، وخصّصت لاستقصاء الاجواء الحكومية والسياسية ‏في ظل بدء العهد الاميركي الجديد برئاسة بايدن.‏

واكد عون خلال اللقاء “حرص لبنان على استمرار علاقات الصداقة ‏والتعاون بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية، في اطار من التفاهم ‏والاحترام المتبادلين والتمسك بالقيم المشتركة”.‏

 

وقالت مصادر واكبت حركة شيا لـ”الجمهورية” انها شددت في اللقاء ‏على أهمية الاسراع في تشكيل الحكومة لتكتمل المؤسسات بكل ‏الصلاحيات الدستورية لمواجهة الازمة على المستويات الاقتصادية ‏والنقدية والسياسية، واعادة ترميم علاقات لبنان بالعالم الخارجي.‏

وفي ملف ترسيم الحدود شددت السفيرة الاميركية على اهمية ان ‏تستأنف المفاوضات، بعدما اكدت “انّ الرعاية والوساطة الأميركية لن ‏تتغيرا لمجرد التغيير الحاصل في الولايات المتحدة الاميركية، فهي ‏عملية من ثوابت السياسية الاميركية، ولن يكون هناك اي متغيرات ‏تمسّ الدور الأميركي”.‏

وشددت على انّ برامج المساعدات المقررة للبنان “قائمة ومستمرة ‏في مختلف المجالات الانمائية والإجتماعية، وفي مواجهة نتائج انفجار ‏المرفأ”.‏

وفي جانب من اللقاء، شرح رئيس الجمهورية الاجراءات المتخذة ‏لإطلاق التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والوزارات ‏والمؤسسات العامة، بعدما شددت السفيرة شيا على اهمية المضي ‏في عملية مكافحة الفساد.‏

وفي اختصار قالت المصادر “انّ اللقاء كان شاملاً، ولم توفر السفيرة ‏الاميركية ملفاً لم تتطرق اليه على مختلف المستويات”.‏

 

واذ اشارت المصادر الى ان المسؤولين حاولوا من خلال اللقاء مع شيا ‏جَس نبض الادارة الاميركية الجديدة واستكشاف نياتها ازاء لبنان ‏واضعين الاستحقاق الحكومي المُلحّ إنجازه جانباً، التقى كل عون وبري ‏على التأكيد امامها على وجوب استئناف المفاوضات لترسيم الحدود ‏البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل. وفيما اكد عون “موقف لبنان ‏لجهة معاودة اجتماعات التفاوض انطلاقاً من الطروحات التي قدمت ‏خلال الاجتماعات السابقة”، شدّد بري على “أهمية استئنافها بزَخم، ‏نظراً لأهمية النتائج المتوخّاة منها للبنان، ولتثبيت حقوقه السيادية، ‏واستثمار ثرواته”.‏

‏ ‏

من جهة ثانية ، قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف ‏كوخافي، إنّ حالة الردع التي تمتلكها إسرائيل في مواجهة كل الدول ‏التي تواجهها قد ازدادت، محذًّرا بايدن من العودة للاتفاق النووي مع ‏إيران، وفق ما نقل متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أمس.‏

 

وشدد على “أنّ إسرائيل تتمتع بحرية عمل واسعة في جميع أنحاء ‏الشرق الأوسط”. وقال: “إسرائيل مهددة بصواريخ من لبنان وسوريا ‏وغزة وإيران”، واستطرد: “في الحرب المقبلة ستسقط آلاف الصواريخ ‏علينا، لكننا سنرد بشكل واسع”. وقال: “إننا سنحذّر اللبنانيين وسكان ‏غزة وندعوهم الى ترك منازلهم في حال اندلاع الحرب”، مضيفاً انّ ‏‏”ذروة العام ستكون في مناورات تُحاكي حرباً شاملة تستمر شهراً”.‏

وأوضح “أنّ عددا كبيرا من منازل جنوب لبنان يحتوي ذخائر ‏وصواريخ”، كاشفاً عن أن الجيش الإسرائيلي قصف أكثر من 500 هدف ‏في سوريا العام الماضي. وأردف أنه “لا نية لإيران بوقف التموضع ‏العسكري في سوريا”.‏

‏ ‏

وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها ‏اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3505 إصابة ‏جديدة (3491 محلية و14 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات ‏‏285754 منذ شباط 2020. وكذلك أعلنت تسجيل رقم صادم في عدد ‏الوفيات بلغ 73 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات ‏‏2477.‏

من جهة ثانية، حُدد قبل ظهر الخميس المقبل موعد مبدئي لإطلاق ‏منصة التسجيل للقاح في وزارة الصحة، في حضور الوزير حمد حسن ‏ووزيرة الاعلام منال عبد الصمد ورئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح ‏الدكتور عبد الرحمن البزري.‏

وقد تم تأجيل إطلاق المنصة يومين لإضافة إمكانية التسجيل ‏القطاعي للمؤسسات والنقابات إلى إمكانية التسجيل الشخصي على ‏المنصة.‏

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *