الجمعة , 26 ديسمبر 2025

بعد اقراره في مجلس الوزراء… النسخة النهائية لمشروع الفجوة المالية في ملعب النواب

أقر مجلس الوزراء مشروع قانون الفجوة المالية وإسترداد أموال المودعين، بتصويت 13 وزيرا لصالح القانون مقابل اعتراض 9 وزراء، وسينتقل تاليا هذا المشروع الى مجلس النواب لمناقشته قبل اقراره.

وفي السياق، شدد كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل على وجوب إدخال التعديلات اللازمة على النسخة الأخيرة من مشروع القانون، ويقول لـ”المركزية”: إن مشروع القانون في نسخته الحالية، من دون التشكيك في سلامة نيّة الجهات التي صاغته، لا يؤدّي إلى صدمة إيجابية لما يحتوي عليه من شوائب وغموض يستدعيان إدخال التعديلات اللازمة عليه وإعادة صياغة العديد من جوانبه… وعندما يوافق مجلس الوزراء على مشروع القانون ويُحيله إلى مجلس النواب، سيخضع عندها لتشريح معمّق وجلسات استماع وأخذ بآراء المعنيين، وبالتالي إن مجلس النواب هو مَن سيقرر النسخة النهائية لهذا المشروع ومصيره.

ويشير في السياق، إلى أن “مصطلح “الفجوة المالية” يعني العجز في ميزانية مصرف لبنان الذي يعود إلى سوء استخدام السلطة السياسية وسوء إدارتها للقطاع العام طوال الحكومات المتعاقبة واستدانتها الدائمة من مصرف لبنان”، مذكّراً بأن الهدف من مشروع قانون الفجوة المالية “تحديد مصير الودائع الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى صدمة إيجابية تبشّر بالبدء باستعادة الثقة، لكن… للأسف لم يحدث ذلك! إذ غابت الصدمة الإيجابية بسبب التغييب التام والكامل لمسؤولية الدولة عن الأزمة المالية وبالتالي عن تحمّل ولو جزء بسيط من تسديد الودائع”.

“الغموض سيّد الموقف…” يؤكد غبريل، “والذي يكتنف مشروع القانون بامتياز بما يحتويه من عبارات وبنود تُظهر نأي الدولة بنفسها عن تحمّل أي مسؤولية فعلية لجهة تسديد الودائع إن كان نقداً أو من خلال الأدوات المالية المدعومة من أصول مصرف لبنان أو من خلال تحمّل مسؤولية معنوية”.

ويوضح أن “جدول السداد الذي تقترحه الحكومة، يُفرَض فرضاً على البنك المركزي والمصارف من دون أن تجري الحكومة تقييماً شاملاً للسيولة ولا أي محاكاة مستقبلية للتدفقات النقدية أو اختبارات الضغط لتحديد ما إذا كان مصرف لبنان والمصارف التجارية لديهما القدرة الفعلية على الالتزام بجدول السداد المقترح. كما أن غياب اختبارات ضغط السيولة يتعارض مع المعايير الدولية للاستقرار المالي، ليعتمد الاقتراح فرضيّات غير عملية تنطوي على قدر كبير من الغموض”.

والنقطة الثانية يتابع غبريل، “تكمن في التزام الدولة المُبهم سواء من حيث الشكل أو التوقيت، بسداد التزاماتها المثبتة تجاه مصرف لبنان والمقدّرة بنحو 16 مليار و500 مليون دولار لتصل مع الفوائد إلى 21 مليار دولار. فضلاً عن التزامها القانوني بتغطية خسائر مصرف لبنان عملاً بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف… وهنا التزامها وفق مشروع القانون الحالي، غامض وغير ملزِم!”.

ويشير إلى أن “مصرف لبنان يتعامل مع المصارف التجارية، بصفته تاجراً ويتمتّع باستقلال مالي عن الدولة، هنا يجب ألا تدخل توظيفات المصارف التجارية في مصرف لبنان، في معادلة الدين العام وإعادة هيكلة الدين العام. وبالتالي لا يجوز إلزام مصرف لبنان و45 مصرفاً تجارياً تختلف أوضاعها المالية اختلافاً جوهرياً، بجدول سداد جامد يفرضه طرف ثالث يتمثّل في الحكومة اللبنانية، لذلك إن تحديد أي جدول زمني لسداد الودائع يجب أن يبقى من صلاحيات الجهات “المسدِّدة” نفسها، وأن يستند إلى اعتبارات العدالة والتوازن بالإضافة إلى مستوى السيولة المتاحة فعلياً قبل أي شيء آخر”.

احتياطي الذهب الحل؟

وليس بعيداً، يؤكد غبريل القول: لا يجوز الجزم بأنه من غير الممكن استعمال احتياطي الذهب لتغطية الخسائر بذريعة أنها أصول الدولة ومصرف لبنان… في حين أنه الحل الناجع في وقت لا تستطيع المصارف توفير السيولة الكافية ولا مصرف لبنان أيضاً، لتأمين كل المتطلبات الواردة في مشروع القانون. إن استعمال احتياطي الذهب هو مشروع منطقي يخدم استعادة الثقة ويؤدي إلى صدمة إيجابية…

ويختم: نحن بحاجة ماسة إلى الخروج من هذا الجمود وإعادة تفعيل العمل المصرفي وضخّ السيولة الكافية فيه، كي يتسنى له لعب دوره الأساسي في تمويل القطاع الخاص في لبنان، إلا إذا… هناك جهات ليس من مصلحتها وجود قطاع مصرفي فاعل يستعيد ثقة المساهمين والمستثمرين.. والمودِعين!

عن Editor2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *