الخميس , 27 نوفمبر 2025

الحرب قبل الميلاد !!!

في ظل التصعيد المتواصل على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، حصلت “نداء الوطن” على معطيات خاصة من عشاء أقيم في منزل السفير المصري في بيروت، جمع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعدد من النواب اللبنانيين، حيث أدلى الوزير بمواقف لافتة تتعلق بمستقبل الأوضاع في لبنان والمخاطر الداهمة التي تتهدد البلاد في حال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة.

 

عبد العاطي أكد خلال العشاء أن الآلية التي يعتمدها لبنان لتنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة لا تزال غير مرضية حتى الآن، مشيرًا إلى أن القاهرة تتابع هذا الملف بدقة مع مختلف الأطراف الدولية المعنية. وكشف الوزير أنه أجرى محادثات مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، إضافة إلى عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين، موضحًا أن الانطباع العام لدى هذه الدول يتمحور حول أن أي إصلاح سياسي أو اقتصادي في لبنان مرتبط بشكل وثيق بمسألة سلاح “حزب الله”.

وأعرب الوزير المصري عن قلقه العميق من احتمال اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و”حزب الله” قبل فترة الأعياد، محذرًا من أن المواجهة المقبلة ستكون أكثر قسوة من حرب العام الماضي 2024، سواء من حيث طبيعة العمليات أو من حيث محاولات تطويق البيئة الحاضنة لـ “حزب الله”. وأوضح أن الهدف من أي حرب جديدة سيكون دفع هذه البيئة إلى الابتعاد سياسيًا واجتماعيًا عن “الحزب”، مشيرًا إلى أن حادثة اغتيال القيادي في “الحزب” الطبطبائي تشكّل مثالًا على التحوّل الحاصل داخل بعض الأوساط التي أبدت امتعاضها من وجوده في المبنى الذي استُهدف، خاصة بعد ما نتج عن ذلك من تهجير جديد في ذروة فصل الشتاء.

وفي سياق مداخلته، لم يستبعد عبد العاطي إمكانية نشوب حرب برية على غرار ما شهدته بعض مناطق الجنوب السوري، بحيث تتحول أي منطقة تتوغل فيها القوات الإسرائيلية إلى منطقة عازلة خالية من السكان، الأمر الذي سيؤدي إلى تداعيات إنسانية وأمنية خطيرة على لبنان بأسره.

 

لكن وفق معلومات خاصة حصلت عليها “نداء الوطن”، فإن مصر تستعد لمبادرة دبلوماسية قد تكون الأخيرة لإبعاد شبح الحرب، ترتكز على ثلاث نقاط أساسية:

 

1. تنظيف كامل لمنطقة جنوب الليطاني من السلاح، على أن يصدر الجيش اللبناني إعلانًا واضحًا وشفافًا أمام المجتمع الدولي حول هذا الإجراء لتأكيد التزام الدولة بسيادتها.

 

2. تعطيل السلاح في منطقة شمال الليطاني كمرحلة أولى تمهيدًا لجمعه لاحقًا بشكل كامل، مع مطالبة “حزب الله” باتخاذ موقف واضح حيال هذه الخطوة.

 

3. تشجيع لبنان وإسرائيل على بدء مفاوضات مباشرة برعاية مصرية – فرنسية – أميركية – سعودية، من المنتظر أن تستضيفها مدينة شرم الشيخ، بهدف نزع فتائل التوتر ووضع أسس تفاهم أمني يجنب المنطقة الانفجار.

 

وتشير المصادر إلى أن القاهرة تدرك صعوبة إنجاح هذه المبادرة في ظل الواقع اللبناني المنقسم والمعادلات الإقليمية المعقدة، لكنها ترى فيها محاولة ضرورية لتأجيل الحرب وإتاحة الوقت للجهود الدبلوماسية كي تنضج. وتؤكد أن مصر تتحرك انطلاقًا من قناعتها بأن استقرار لبنان يشكّل ركيزة لاستقرار المشرق العربي، وأن أي انهيار أمني في الجنوب ستكون له انعكاسات تتجاوز الحدود اللبنانية.

 

من زاوية تحليلية، يمكن قراءة التحرك المصري على أنه جزء من استراتيجية أوسع لإعادة تثبيت حضور القاهرة في الملفات الإقليمية الحساسة، خصوصًا في ظل التراجع النسبي للدور العربي الموحد. فلبنان، بالنسبة إلى مصر، ليس مجرد ساحة نزاع بعيدة، بل هو خط تماس مباشر مع الأمن القومي العربي، وأي حرب فيه قد تفتح جبهات غير متوقعة تمتد نحو سوريا وغزة وربما البحر الأحمر، بما يمسّ أمن قناة السويس وممرات الطاقة في شرق المتوسط. كما تسعى القاهرة إلى تقديم نفسها كوسيط موثوق ومقبول من جميع الأطراف، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع واشنطن وتل أبيب وطهران في آن، في محاولة لإعادة إحياء دورها التاريخي كضامن للاستقرار الإقليمي.

 

وفي خلاصة المشهد، تبدو مصر وكأنها تتحرك في سباق مع الزمن، لوقف اندفاع المنطقة نحو مواجهة جديدة قد تكون الأكثر تدميرًا منذ سنوات، واضعة على طاولة المجتمع الدولي خارطة طريق واقعية قد تشكّل آخر فرصة لتفادي انفجار واسع لا أحد قادر على تحمّل تبعاته.

 

ناديا غصوب

نداء الوطن

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *