الخميس , 30 أكتوبر 2025
أخبار عاجلة

الرئيس عون في افتتاح “الملتقى الاعلامي العربي”: عاش الإعلام الحر المسؤول الخيّر لتحيا شعوبنا بخير ومسؤولية وحرية

اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون “ان الحكم الصالح يحتاج إلى من يقول له الحقيقة التي “وحدها تحرر وتعمر وتحقق كل الخير لكل البشر”، لافتا الى “اننا نعيش في زمن انقلابي بكل معاييره ومقاييسه وحتى في قيمه حيث لم تعد الحقيقة فيه قيمة مطلقة”.

 

وشدد على “مسؤولية الاعلاميين في السعي للبقاء رسلا للحقيقة في ظل الإشكاليات الكبيرة المطروحة خصوصا في عالم يتطور تقنيا بشكل مذهل”. وقال:”مسؤوليتكم كيف تواكبون الزمن. وكيف تحافطون على استقلالكم المالي، في زمن ابتلاع غيلان التكونولوجيا لكل شيء. ومسؤوليتكم كيف تدافعون عن معادلات القيم الأساسية. في أن يظل الخبر، سقفه الحقيقة. فلا خبر ولا من يُخبرون، ولا إعلام ولا من يُعلمون أو يَعلمون، خارج الحقيقة. وفي أن تظل الحقيقة، غايتها خيرُ البشر وخيرُ النظام العام”.

 

 

 

كلام الرئيس عون جاء في خلال افتتاحه قبل ظهر اليوم، “الملتقى الإعلامي العربي” في دورته الحادية والعشرين” تحت عنوان “الاعلام والتنمية…شركاء الحاضر تحالف المستقبل”، الذي أقيم بالتعاون مع وزارة الاعلام في قاعة المؤتمرات في بيروت.

 

وحضر الافتتاح وزير الاعلام المحامي د. بول مرقص، ووزراء اعلام عرب والأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط وعدد من السفراء والشخصيات السياسية والأكاديمية والاجتماعية والنقابية والإعلامية والفنية.

 

 

 

وجاء في كلمة الرئيس عون :

 

“الحقيقة مملة باهتة الإشاعة جذابة مثيرة” ، هذه المقولة المنسوبة إلى أحد خبراء التواصل الاجتماعي، تجسّد كل الإشكالية المطروحة علينا وعليكم اليوم. فهي تمثل معضلة هذا العصر. وهي تؤشّر إلى معاناتنا نحن كمسؤولين. وهي تشكل مسؤوليتكم أنتم كأهل إعلام وصحافة”.

 

أولاً، لماذا هي معضلة عصرنا؟

 

لأننا بكل بساطة، نعيش في زمن انقلابيٍ في كل معاييره ومقاييسه، وحتى – للأسف – في قيمه.

 

زمنٌ لم تعد الحقيقة فيه قيمة مطلقة. حتى قيل وكُتب ونُظِّر، لكونه زمنَ “ما بعد الحقيقة”. لن أستغرق في البحث عن الأسباب. ولن أدّعي معرفة كيف انتقلنا، في أنشطة المجتمع البشري كافة، من قيمة الإنتاج إلى قيمة الاستهلاك. ومن قيمة العمل إلى قيمة الثمن. ومن قيمة العقل إلى قيمة الجيب. وبالتالي من قيمة الحقيقة إلى قيمة الغريزة. المهم أننا اليومَ هنا. وهذه معضلة على مستوى العالم. علينا أن نعرفها ونتعايش معها. لكن علينا أن نسعى كل لحظة إلى عدم الخضوع لها وإلى السعي لتغييرها.

 

ثانياً، لماذا هي معاناتنا نحن كمسؤولين؟

 

أيضاً بكل بساطة، لأنه لا يمكن لمجتمع بشري أن يتقدم ويتطور، بناءً على كذبة. ولأنه لا يمكن أن نحقق خير الإنسان، إلا بالحقيقة. ولأن كوارث البشر عبر التاريخ، كانت نتاج الأوهام والأكاذيب والأضاليل… والاستثمار في إثارة الغرائز والشعبويات وفي أنصاف الحقائق أو أشباهها. فالحكم الصالح يحتاج إلى من يقول له الحقيقة. فيما الشعبويات الكارثية وحدها تقوم على التطبيل. وطبعاً على التضليل. وهنا تكمن معاناة الحاكم المسؤول. بين واجبه في مصارحة شعبه، وقيادته على درب الخلاص الصعب وبين من يسوق الناس بالدجل، إلى طرقات الجحيم الواسعة، والمعبدة بأعذب الكلام .

 

ثالثاً، لماذا هي مسؤوليتكم؟ لأنكم رُسُلُ هذا العصر. ولأن الإشكاليات المطروحة عليكم كثيرة وكبيرة. خصوصاً في عالم يتطور تقنياً بشكل مذهل. يكفي أن نتذكر معاً، أن مهنتكم هذه أمضت قروناً طويلة في زمن الكلمة المكتوبة. ثم انتقلت في عقود قليلة إلى الكلمة المسموعة، ثم إلى الكلمة المرئية…

 

أما الآن فهي تتحوّل لَحظوياً، من الكلمة المرقمنة، إلى عوالم جديدة مذهلة من ثورة تكنولوجيا، ما زلنا في اللحظات الأولى من بداياتها. مسؤوليتكم، هي في السعي للبقاء رسلاً للحقيقة في قلب هذه الانقلابات. مسؤوليتكم كيف تواكبون الزمن. وكيف تحافطون على استقلالكم المالي، في زمن ابتلاع غيلان التكونولوجيا لكل شيء. ومسؤوليتكم كيف تدافعون عن معادلات القيم الأساسية في أن يظل الخبر، سقفه الحقيقة. فلا خبر ولا من يُخبرون، ولا إعلام ولا من يُعلمون أو يَعلمون، خارج الحقيقة. وفي أن تظل الحقيقة، غايتها خيرُ البشر وخيرُ النظام العام. هذه المسلّمة الأساسية لعملكم ولرسالتكم، لستُ أنا من وضعها.

 

إنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي توافقنا عليه جميعا إطاراً ناظماً لحياتنا العامة، هو من يحددُها ويحدد حدودها.

 

هذا الإعلان الذي أعطاكم وأعطانا كل الحقوق، وكل الحرية في التعبير، وفق المادة 19 منه، التي صارت عنواناً لمؤسسات وحركات وجمعيات مدافعة عن عملكم وعن حريته وحرياتكم … هو الإعلان نفسه الذي أكد في المادة 29 منه، أنه “لا يُخضَعُ أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يُقرِّرها القانون، مستهدِفًا منها، حصراً، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي”… انتهى اقتباس الإعلان.

 

وللمناسبة ادعوكم فعلا للتوقف عند هذه المادة ومناقشتها.

 

أعرف أن مسؤوليتكم صعبة. لأن معاناتنا كبيرة. ولأننا في زمن قاس، بقدر ما هو واعد. فالثابت في تاريخ جدلية الحقيقة والكذبة، أنه يمكن تضليل بعض الناس، كل الوقت. كما يمكن تضليل كل الناس، بعض الوقت. لكن يستحيل تضليل كل الناس كل الوقت. لذلك، وفيما بعض اعلام التواصل الاجتماعي منهمك بردحيات الشباب، وفيما بعض الذكاء الاصطناعي مشغول بتلفيق الاخبار المكتوبة والمسموعة والمصورة،

 

واجبكم أنتم، وندائي لكم، أن تظلوا مستكشفين للحقيقة، مبشرين بها، في كل كلمة وصوت وصورة متكلين في جهدكم هذا، على كرامتكم البشرية، وأخلاقكم الإنسانية. كما على مسؤوليتكم الوطنية والمهنية. وأنا واثق من نجاحكم في أداء هذه المهمة السامية.

 

لأنكم أنتم من أنتم ولأنكم تجتمعون اليوم في لبنان في الأرض التي ولدت مع الكلمة وعاشت من أجل الحرية وناضلت لقول الحقيقة الحقيقة التي وحدها تحرر ووحدها تعمر ووحدها تحقق كل الخير لكل البشر.

 

أحييكم مجدداً. وأتوجه بكل الشكر للمنظمين والمشاركين. معلناً معكم: عاش الإعلام الحر المسؤول الخيّر. لتحيا شعوبنا بخير ومسؤولية وحرية”

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *