الجمعة , 19 أبريل 2024

السنيورة: لبنان الآن لم يعد لديه ترف الوقت والانتظار

أعلن الرئيس فؤاد السنيورة، في حديث الى اذاعة “صوت العرب”، “ان ما يقوم به رئيس الجمهورية ميشال عون فيه مخالفة دستورية نصا وروحا، وفيه تعد على الصلاحية الدستورية للرئيس المكلف في تأليف الحكومة، حيث هو الذي يتولى إجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها”، مؤكدا “ان الحل الآن هو في المسارعة من قبل رئيس الجمهورية إلى القيام بتلك الاستشارات النيابية الملزمة في أقرب وقت ممكن وعدم الاستمرار في تأخير هذا الاستحقاق الدستوري، لأن لبنان الآن لم يعد لديه ترف الوقت والانتظار ولا ترف الاختيار في هذا الامر ولا في الكثير من غيرها من الأمور”.

واشار الى ان “نسب النمو الاقتصادي الحقيقي في لبنان قد انحسرت خلال السنوات الثماني الماضية إلى ما لا يزيد عن واحد بالمائة، وأحيانا أخرى إلى ما دون الصفر. ذلك إلى جانب العجز المتمادي خلال هذه السنوات الثماني في ميزان المدفوعات، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وإلى تفاقم مشكلة البطالة ولا سيما لدى أولئك الشباب والمتخرجين حديثا والباحثين عن عمل في الوقت الذي تنسد في وجوههم فرص العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية السائدة في لبنان والمنطقة. هذا بالإضافة إلى الجو المحموم الذي يقوم بتسعيره العديد من السياسيين لاكتساب شعبوية زائفة ولا سيما من “التيار الوطني الحر” وعلى رأسهم وزير الخارجية جبران باسيل”.

ورأى السنيورة “ان المتظاهرين الذين خرجوا، شكلوا بالنسبة الى لبنان ظاهرة غير مسبوقة كونهم فعليا طرحوا الأمور بالشكل الصحيح”، وقال: “على مدى سنوات طويلة جرى تزوير إرادة اللبنانيين، إذ جرى التعتيم عليها من خلال إثارة العصبيات والتسبب بالنزاعات الطائفية والعنصرية في لبنان والعمل على الفصل في ما بينهم وبث الكراهية والعمل على وضع الفرقاء اللبنانيين في مربعاتهم الطائفية والمذهبية المنفصلة عن المربعات الأخرى ليزيدوا من حدة الاحتقان، هذا الامر هو الذي انتفض ضده الشباب وأول ما قاموا به هو في وصل ساحات التلاقي بين اللبنانيين”.

وأكد “اننا بحاجة الى الإسراع في التجاوب مع مطالب هؤلاء الشباب، هذا فضلا عن ضرورة المبادرة إلى التخاطب معهم بطريقة صحيحة، لا ان نكلمهم بلغة أصبحت من الماضي”.

وردا على سؤال، اوضح الرئيس السنيورة، انه “وبحسب الدستور، بعد استقالة رئيس الحكومة، يبادر رئيس الجمهورية إلى دعوة أعضاء المجلس النيابي لاستشارات نيابية من أجل تسمية رئيس جديد يتولى تأليف الحكومة الجديدة، وهي استشارات ملزمة للرئيس للقيام بها. وكذلك ملزمة له لجهة التقيد بنتائجها”. وقال: “المشكلة انه قد مضى حوالى خمسة أيام على استقالة الرئيس الحريري ولم يبادر رئيس الجمهورية بعد إلى الدعوة للقيام بهذه الاستشارات الملزمة، مبررا ذلك بأنه يريد القيام بمشاورات مع الكتل النيابية حول طبيعة هذه الحكومة الجديدة وشكلها ومن يكون في عضويتها”، مشيرا الى “أن الرئيس الحريري كان ومنذ اليوم الأول لانطلاق تلك التظاهرات والانتفاضات قد أشار على فخامة الرئيس بأنه من الأفضل ان يصار وقبل تقديم استقالة حكومته الاتفاق سوية ومع رئيس المجلس النيابي على طبيعة الحكومة العتيدة ومكوناتها، وأيضا الاتفاق على ما ينبغي القيام به للاستجابة لمطالب المنتفضين والمتظاهرين، وهي بنظري مطالب محقة وينبغي التجاوب معها”.

اضاف: “على ما يبدو، فان فخامة الرئيس لم يتجاوب مع تمني الرئيس الحريري، ما اضطره إلى الاستقالة. وها هو رئيس الجمهورية يماطل في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة متذرعا بضرورة إجراء مشاورات مسبقة، وهذا الموقف للرئيس مخالف لأحكام الدستور. فلقد كان ينبغي ان تتم المشاورات التي يتحدث عنها رئيس الجمهورية قبل استقالة الحكومة، وبعد ذلك يصار الى التعجيل بإجراء الاستشارات الملزمة والتعجيل بعدها بتأليف الحكومة الجديدة. وهذا التعجيل إن لم يكن لسبب دستوري فقط ولكن أيضا وأيضا بسبب الحاح الحاجة الى المبادرة فورا الى تأليف الحكومة العتيدة التي تستجيب لهذه المطالب المحقة التي تقدم بها المتظاهرون. وأنا باعتقادي أن التجاوب مع تلك المطالب هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن اعتماد من أجل استعادة الثقة التي فقدت ما بين المواطنين اللبنانيين والحكومة اللبنانية، وكذلك ما بين المواطنين والطبقة السياسية عموما في لبنان”.

ورأى السنيورة “ان ما يقوم به رئيس الجمهورية فيه مخالفة دستورية نصا وروحا وفيه تعد على الصلاحية الدستورية للرئيس المكلف في تأليف الحكومة، الذي يتولى إجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها”.وقال: “الحل الآن هو في المسارعة من قبل رئيس الجمهورية إلى القيام بتلك الاستشارات النيابية الملزمة في أقرب وقت ممكن وعدم الاستمرار في تأخير هذا الاستحقاق الدستوري. لماذا لأن لبنان الآن لم يعد لديه لا ترف الوقت والانتظار ولا ترف الاختيار في هذا الامر ولا في الكثير من غيرها من الأمور”.

وتابع: “في ما خص حقيقة ما جرى ويجري الآن في لبنان، فيتعلق بجملة من الأمور التي تفاقمت على مدى فترة ليست بالقصيرة، وهي ناتجة عن عدم المبادرة إلى، لا بل والتمنع والاستعصاء عن الالتزام بالقيام بالإصلاحات الضرورية على الصعد الوطنية والاقتصادية والمالية والإدارية. وذلك يعني عدم تمكن لبنان من التلاؤم مع المتغيرات الجارية في العالم ومع تلك الجارية في لبنان والمنطقة، وكذلك في ما خص الاقتصاد اللبناني ومعدلات النمو فيه، وكذلك في الحال الذي أمست عليه المالية العامة للبنان واستمرار العجز في حسابي الموازنة والخزينة، وفي الضعف الكبير الذي طرأ على الاقتصاد اللبناني، حيث أن نسب النمو الاقتصادي الحقيقي في لبنان قد انحسرت خلال السنوات الثماني الماضية إلى ما لا يزيد عن واحد بالمائة وأحيانا أخرى إلى ما دون الصفر. ذلك إلى جانب العجز المتمادي خلال هذه السنوات الثماني في ميزان المدفوعات، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وإلى تفاقم مشكلة البطالة ولا سيما لدى أولئك الشباب والمتخرجين حديثا والباحثين عن عمل في الوقت الذي تنسد في وجوههم فرص العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية السائدة في لبنان والمنطقة”.

اضاف: “هذا بالإضافة إلى الجو المحموم الذي يقوم بتسعيره العديد من السياسيين لاكتساب شعبوية زائفة ولا سيما من “التيار الوطني الحر” وعلى رأسهم وزير الخارجية لزيادة حدة العصبيات والتشنج الطائفي والمذهبي لتحسين شعبيتهم، ذلك إلى جانب الممارسات التي يقوم بها البعض من السياسيين والأحزاب الطائفية والمذهبية لمفاقمة الخلل في موازين القوى الداخلية في لبنان، وكذلك من أجل مفاقمة الخلل في التوازن في السياسة الخارجية للبنان والابتعاد عن السياسة المعلنة للنأي بالنفس عن التورط في الصراعات الخارجية التي تعهدت بها الحكومة ولكنها امتنعت عن الالتزام بها. فلطالما سعى لبنان من اجل الحفاظ والسعي إلى تعزيز علاقته مع الدول العربية الشقيقة. أولا بكونه بلد عربي، وثانيا من أجل الحفاظ على مصالحه ومصالح اللبنانيين المنتشرين في العالم العربي، والتي هي بالفعل تشكل أسواقه الطبيعية ومصادر التمويل التي يحصل عليها لزيادة التدفقات المالية إلى لبنان لتعزيز ميزان المدفوعات لديه. هذه السياسة يجري حرفها بحيث أصبح لبنان في حالة عدم وئام وخلاف مع الدول العربية الشقيقة بفعل سياسته الخارجية. ذلك ما أدى إلى مفاقمة الأوضاع الوطنية والسياسية والاقتصادية في لبنان، وهو ما انعكس على الوضع الداخلي اللبناني وولد حالة من اليأس ومن انحسار الثقة ما بين اللبنانيين والحكومة. وهؤلاء اليائسون ومعهم الكثرة الكاثرة من اللبنانيين هم الذين طالبوا ويطالبون باستقالة الحكومة، ويطالبون بتأليف حكومة من المستقلين من غير السياسيين وغير الحزبيين تسهم من خلال أدائها في البدء في استعادة ثقة المواطنين بالدولة”.

وقال: “لماذا حصل ذلك، لان الذي جرى من متغيرات خلال السنوات الأخيرة كان منها أن الأحزاب الطائفية والمذهبية في لبنان عطلت العملية الديموقراطية في لبنان. فلبنان بلد ديمقراطي برلماني وبالتالي يفترض بأن العملية الديمقراطية حتى تكتمل حلقاتها فإنه ينبغي أن تكون هناك معارضة للحكومة تقوم بمساءلة ومحاسبة الحكومة، وبالتالي هي التي تشكل الوسيلة الصحيحة لممارسة المراقبة على أعمال الحكومة. لكن عندما صار ممثلو الأحزاب في المجلس النيابي هم أيضا الموجودون داخل الحكومة، فإن ذلك أدى إلى تعطيل العملية الديموقراطية، ولا سيما عندما يصل ذلك إلى حدود الاتفاق بين الكتل النيابية والوزراء ما بين بعضهم بعضا بما يؤدي إلى نوع من التواطؤ، وبالتالي بما يؤدي إلى تقاسم النفوذ والمحاصصة وإلى تبادل المصالح وبالتالي وفي المحصلة إلى تقاسم المنافع والمصالح العائدة للدولة اللبنانية ولمصلحة الأحزاب وذلك على حساب المواطنين والمصلحة العامة”.

واكد السنيورة ان “هذه الأوضاع المستجدة دفعت بالمواطنين الى المطالبة باستقالة الحكومة. أما رفع شعار إسقاط النظام فهو الشعار الذي رفع في عدد من الدول العربية لإسقاط النظام، وأظن انه اسم على غير مسمى في لبنان لأن النظام اللبناني المنبثق عن اتفاق الطائف وعن الدستور السابق هو فعليا جيد وهو نظام ديموقراطي برلماني وليس نظاما رئاسيا، ولكنه نظام أسيء تطبيقه بشكل كبير، وبالتالي ليس النظام ما ينبغي على اللبنانيين أن يتخلوا عنه. فدستورنا جرى تعديله في العام 1989 استنادا إلى ما أقر في اتفاق الطائف الذي عقد وجرى على أساسه حل الكثير من المعضلات الأساسية الوطنية. ولكن المشكلة في عدم تطبيقه بطريقة صحيحة وكذلك في عدم استكمال تطبيقه”.

وقال: “إن اتفاق الطائف وبالتالي الدستور اللبناني، يؤكدان العمل من أجل إلغاء الطائفية السياسية وليس العكس. والدستور يؤكد أهمية العودة الى الالتزام بمعايير الكفاءة والجدارة. لكن المشكلة ان ما يجري تطبيقه الآن هو مخالف للدستور. ويعود السبب في ذلك إلى استمرار حالة الممانعة والاستعصاء وعدم المبادرة الى تطبيق اتفاق الطائف وما يتضمنه هذا الاتفاق لجهة اعتماد مبدأ الدولة المدنية أي دولة المواطنة ومن ذلك إيجاد مجلسين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ. فمجلس النواب هو المجلس التشريعي الذي يستجيب لما يريده المواطن الفرد اللبناني في كل ما له علاقة بشؤونه الحياتية والمعيشية. أما المجلس الثاني وهو مجلس الشيوخ الذي يستجيب لمطالب ولهواجس الطوائف. ولكن مجلس الشيوخ بمفهومي ليس مجلسا تشريعيا، وهو مجلس يضع القواعد في حال جرى مخالفة الدستور اللبناني في ما يتعلق بحقوق الطوائف، فعندها يصار الى التوقف وممارسة دوره في تصويب الأمور”.

وأعلن ان “هناك مخالفات عديدة للدستور ولروح اتفاق الطائف ومخالفات أيضا للنصوص القانونية الدستورية. فمثلا لم يجر تطبيق المادتين 12 و95 من الدستور المتعلقين بحقوق المواطن وبإلغاء طائفية الوظيفة العامة والتي طالب بشأنها مؤخرا رئيس الجمهورية من مجلس النواب تفسير هذه المادة، وطبعا هذا فيه نوع من الالتفاف على الدستور ويؤدي الى مزيد من الإشكالات التي نحن بغنى عنها”.

وتابع: “ما أريد ان أقوله ان المتظاهرين الذين خرجوا شكلوا بالنسبة الى لبنان ظاهرة غير مسبوقة كونهم فعليا طرحوا الأمور بالشكل الصحيح، وهو انه وعلى مدى سنوات طويلة جرى تزوير إرادة اللبنانيين، إذ جرى التعتيم عليها من خلال إثارة العصبيات والتسبب بالنزاعات الطائفية والعنصرية في لبنان والعمل على الفصل في ما بينهم وبث الكراهية والعمل على وضع الفرقاء اللبنانيين في مربعاتهم الطائفية والمذهبية المنفصلة عن المربعات الأخرى ليزيدوا من حدة الاحتقان هذا الامر هو الذي انتفض ضده الشباب وأول ما قاموا به هو في وصل ساحات التلاقي بين اللبانيين. ولذلك، فإنه أول مرة في لبنان تتصل هذه الساحات من شمال لبنان الى جنوبه وهم كانوا ومازالوا يعبرون عن رغبتهم بأن يصار الى اظهار صورة لبنان الحقيقية القائمة على العيش المشترك ومطالبين بالتصدي الحازم لكل أشكال الفساد والإفساد تحت سلطة القانون والقضاء العادل والمستقل والنزيه، وكذلك الالتزام الثابت بأحكام الدستور والقانون وبأصول وقواعد الحوكمة والحكم الرشيد”.

وأكد ان “جميع المتظاهرين يتكلمون ذات اللغة ويعبرون عن أوجاعهم وهواجسهم وهي واحدة وتشكل ذات المواضيع، وطبيعي ما نشهده اليوم في هذه الساحات المليئة بالمتظاهرين الذين يعبرون عن رأيهم. أريد ان أقول هنا، انه كلما كان هناك استعصاء وممانعة من قبل بعض الأحزاب الطائفية والمذهبية وأيضا من فخامة الرئيس بعدم التجاوب مع مطالب الشباب كلما ارتفعت وزادت حدة المطالب. هذا يعني أن الامر الذي يمكن معالجته اليوم بطريقة معينة وبكلفة معينة سوف نضطر إلى القيام به غدا ولكن بكلفة أكبر وأكثر إيلاما، وربما يصبح المطلب الذين يطالبون به اليوم غير كاف في الغد”.

وقال: “إني أميل إلى القول بأن المطالب سوف تزداد، وهذه التجربة شهدناها في بلدان عربية أخرى ولا داعي لتكرار أخطاء ارتكبناها وارتكبها غيرنا وأثبتت عدم نجاعتها. لهذا الامر انا أقول اننا بحاجة الى الإسراع في التجاوب مع مطالب هؤلاء الشباب. هذا فضلا عن ضرورة المبادرة إلى التخاطب معهم بطريقة صحيحة ولا ان نكلمهم بلغة أصبحت من الماضي. اكاد أقول ان لبنان ما قبل السابع عشر من شهر أكتوبر هو غير ما أصبح عليه لبنان بعد السابع عشر من أكتوبر”.

عن Editor2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *